تحسست جسدها، وأنا من الهول لا اعي، فكان في برودة الثلج، فصرخت والدموع في عيني:(مالك يا سهام!. . . ماذا تحسين؟. . . إلي بطبيب! إلي بطبيب!).
وتداعى ذراعاي من حولها، فسقطت على الملاءات البيضاء، فقلت يائساً:(إليك روحي يا حياتي، خذيها وعودي إلي!. . . هل تذبل الورود وهي تختال في المروج؟ تكلمي. . . ردي عليّ ردي عليّ. . . لماذا لا أسمع صوتك الحنون؟ وأحر قلباه، يا ضيعة العمر وأنا من غيرك يا سهام)!.
. . . وامتلأت الغرفة بالظلال الداكنة. . . تهتز في صمت ثقيل. . . وحفل الفراغ بالأشباح. . . تتراقص في عربدة مجنونة. . . فجثم على صدري صرخاتها المنكرة. . . فهرعت إلى الأسجاف أرفعها، وفتحت النافذة، فاندفع الهواء من السهل القريب، حيات تسعى. . . ومادت الأرض. . . حتى غدوت في النهاية، غريقاً في صخب هائل مفزع. . . وتوهج المصباح، ثم خبا فتشتت الضوء، وأحسست بالبرودة تسري في أطرافي، ثم غبت عن الوعي.
. . . وعادت الغرفة تلوح من بين أهدابي المغلقة، فلمحت خيالات كثيرة تروح وتجيء، وسمعت أحدهم يقول لخيال:(إنه في طريقه إلى الوعي). . .
تحاملت على نفسي، وحدقت في الجدران التي تدور. . . وصرخت ملتاعاً (أين سهام؟ أين سهام؟). . . فحشرج في سمعي صوت رهيب (ذهبت. . . ذهبت يا وحيد ولن تعود)!
وانهمر على وجنتيه دمع حبيس، فقلت له وأنا من أجله ملتاع، أطالع صفحته الحزينة. . . فيثب إلى خاطري الوفاء المُعَذَّبُ، والدنيا والأحلام، وقد لُفّضت في أكفان الأبد، قلت له (وبعد يا رجل، هل تود أن تموت؟ هيا يا صديقي إلى الحياة، ترى فيها السلوى والعزاء).
- أنا؟؟ أنا أهبط إلى الحياة من جديد!؟ لقد سحقت قلبي أناشيد الحرمان، وذريت روحي في مهمة الظلمات، فهل أهبط إليها من غير قلب وروح!؟
- جرب هل الريح تأتي وفاء!
- دعني يا صاحبي في أحزاني وآلامي، علني ألحق بها، بعد أن خلفتني وحيداً في عالم الأحزان!
- لك الله يا وحيد، ولكن رفقاً بنفسك يا صديقي، ولم الوفاء لميت!؟.