ميادين العلم والإدارة والقضاء في مختلف العصور. إذ كانوا منذ القرون الأولى ما يزالون حملة العلم لا في فلسطين فحسب بل نقلوا مشعلهم معهم إلى ديار الشام ومصر وسائر البلدان العربية.
ونكتفيالآنأن نسجل بعض أسماء من أبناء الريف الفلسطيني فنذكر الحسن اليازوري رئيس وزراء الدولة الفاطمية (القرن الخامس) وقاضي قضاتها وداعي دعاتها وهو من أبناء يازور، قرية على طريق يافا.
بل لنعد قليلاً إلى القرنين الأول والثاني الهجريين، فنذكر موسى بن نصير فاتح قبرص وقائد معاوية، وفاتح الأندلس فقد سبى والده من جبل الخليل وهو اللخمي الفلسطيني الريفي، ثم الربيع بن يونس أبو فروة حاجب المنصور العباسي باني بغداد ووزيره فهو من جبل الخليل أيضاً. وتعال إلى عالم الأدب فلا تنسى أن تذكر عبد الحميد الكاتب القيسراني، نسبة إلى قيسارية، وقد أعتبرها ياقوت قرية الوزير الأموي، الكاتب المنشئ، كما تذكر القاضي الفاضل البيساني نسبة إلى بيسان، المدينة الريفية الفلسطينية مستشار صلاح الدين، المؤرخ المنشئ البليغ والمصلح العمراني المجاهد الذي قال صلاح الدين عنه أنه لم يفتح البلاد إلا بقلمه.
بل لقد أخرج الريف الفلسطيني عدداً من الأسر العلمية التي ساهمت أكبر مساهمة في الحركة الفكرية في القرون الوسطى في فلسطين والشام ومصرن فمنهم بنو كنانة العسقلانيون، وقد تفرقوا بعد خراب عسقلان بعد القرن السادس فكان لهم فضل عظيم في نشر العلم والفقه واللغة. ومنهم بنو غانم المقدسيون (من يورين) في جبل نابلس الذين أسلمهم صلاح الدين خانقاً في القدس فظل نجمهم يسطع حتى القرن العاشر. ومنهم بنو قدامة الجمَّاعيليون، من جمَّاعيل جبل نابلس، الذين نزحوا إلى دمشق في القرن السادس فأسسوا فيها الصالحية ومدرسة أبي عمر. فكانت مركزاً هاماً لتدريس الفقه الحنبلي خاصة مما كان له أبلغ الأثر في دمشق والشام والعالم الإسلامي عامة.
بل ماذا نقول فيما أخرجته (رامين) في جبل نابلس مما سيطلع عليه القارئ فيما بعد، أو ما ساهمت به (مردا) من العلماء والعالمات حتى كادوا يحتكرون العلم في تلك العصور الغابرة ويحملون مشعلة دون سواهم.