الوضع الجغرافي إلا أنهم كانوا شديدي البعد عنهم فيما يتصل بعباداتهم وتقاليدهم وثقافتهم ورغباتهم. وعلى رغم هذا الوضع الذي كان يقرب بينهم كان المسلمون يتجهون بكل نفوسهم إلى العرب ومسلمي الشرق الأوسط وكانوا يتخذون اللغة العربية لغة للعلم والدرس يؤلفون بها ويؤسسون لها المدارس. والمعاهد والجامعات في جميع بلدان شبه القارة.
ولم تقتصر هذه الرابطة على تبادل التجارة أو بعض الأفكار الثقافية بل امتدت الرابطة إلى ما هو أبعد من هذا، امتدت إلى أن خضع المسلمون هناك لطاعة الخليفة، كما دانوا له بالولاء. وفي فتح البلدان يقول البلاذري: إن أحكام السند العرب كانوا يقولون خطبة الجمعة متوجه باسم الخليفة، كما ضربوا العملة باسمه: وظل الحال على هذا من هذه الفترة إلى أن تقوضت الخلافة الإسلامية بتركيا.
وظلت العلاقات قائمة بين المسلمين هناك وبين اشرق الأوسط إلى عصرنا الحديث. . . . . . ولم يكن المسلمون ليتوانوا لحظة في خلال كل هذه السنين عن الشعور بنفس الشعور الذي يساور أهل الشرق فقد كانوا يفرحون لفرحه، ويتألمون لألمه. وكانوا يعتقدون أن هذا الشرق ما هو إلا جسم واحد إذا أشتكى منه عضو تألم له بقية الأعضاء، وإذا أصاب طرفاً منه ضر أو شر فإنه سرعان ما يصيب كل البلاد أقاصيها ودانيها.
ولم يكن مسلمو الهند في جهادهم بمنأى عن هذا الشرق، لأنهم كانوا على اتصال وثيق به، يربطهم به رابطة الدين ورابطة الألم ورابطة الظلم الذي يحل به، ورابطة القسوة التي يجابههم بها الأقوياء، ورابطة الحذر مما يبيت لمسلمين قاطبة من كيد ومن غدر، وقاموا من ساعتهم، في الحدود التي حاولوا فيها أن يصلوا إلى أقصى ما يستطيعون وغم الاستعمار الأجنبي، يريدون الوقوف إلى جانب إخوانهم المسلمين في كثير من العطف وفي كثير من الحزن؛ فهم حزنوا لتفكك الخلافة ولانهيار الإمبراطورية العثمانية، لأنها كانت تمثل في نظرهم قلعة الإسلام. وقاموا يحتجون لدى إنجلترا على المعاملة التعسفية التي عاملوا بها مصر عام ١٩٢٤ حينما قتل السردارلي ستاك باشا، واحتجوا لديها كذلك ولدى عصبة الأمم عندما امتد الانتداب البريطاني على العراق لخمس وعشرين سنة تالية، واشتركوا في مؤتمر الخلافة سنة ١٩٢٥ واحتجوا لدى الفرنسيين يوم أن ضربوا دمشق بالمدافع. . . . . . وكانوا ولا يزالون يتألمون لما يصيب إخوانهم عرب مراكش وتونس