للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

في غزوة الطائف بشيء من التفصيل، فيقول:

أنه لم يكن من اليسير أن يقتحم المسلمون هذه الحصون المنيعة إلا أن يلجئوا إلى وسائل غير التي ألفوا حتى اليوم حين حاصروا قريظة وخيبر. . . فما عسا أن تكون هذه الوسائل الجديدة التي يهاجمونها بها؟. . .

وكان لبني دوس (إحدى القبائل المقيمة بأسفل مكة) علم بالرماية بالمنجنيق ومهاجمة الحصون في حماية الدبابات. وكان أحد رؤسائها الطفيل قد صحب محمداً منذ غزا خيبر؛ وكان معه عند حصار الطائف؛ فأوفده النبي إلى قومه يستنصرهم؛ فجاء بطائفة منهم ومعهم أدواتهم؛ فبلغوا الطائف بعد أربعة أيام من حصار المسلمين إياها. ورمى المسلمون الطائف بالمنجنيق وبعثوا إليها بالدبابات دخل تحتها نفر منهم ثم زحفوا بها إلى جدار لطائف ليخرقوه، ولكن رجال الطائف كانوا من المهارة بحيث أكرهوا هؤلاء على أن يلوذوا بالفرار. فقد أحموا قطعاً من الحديد بالنار، حتى إذا انصهرت القوها على الدبابات فحرقتها، فغر جنود المسلمين من تحتها خيفة أن يحترقوا. (حسين هيكل، حياة محمد، ص٤٢٠، ٤٢١).

ويظهر أن الدبابات في السابق وإن كانت لها قيمة كبرى في الحروب لإخافة العدو وإثارة ضجيجهم، فإنها لم تنل حظاً في إحراز النصر حيث كانت عرضة للاحتراق، فإن موادها المركبة من الجلود والأخشاب كانت سريعة التأثر بالنار. وقد حاول المهندسون المسلمون عبثاً إيجاد بعض الوسائل لتقيها من الأخطار المعهودة. فاستعملوا الجلود المبلولة بالماء والمستقاة بالخل ولكنهم لم يفلحوا.

ويحدثنا الأستاذ أحمد بدوي في مقال له تحت عنوان (القوة الحربية في مصر والشام) كتبه في مجلة الرسالة عدد ٨٠٩ وتاريخ ١٤ - مارت - ٩٤٩ نقلا عن (النوادر لابن شداد، ص١٠٣) عن عظمة الدبابات التي استخدمها العدو في حصار عكا، بما يلي:

(صنع العدو ثلاثة أبراج من خشب وحديد وألبسها الجلود المستقاة بالخل بحيث لا تنفذ فيها النيران؛ وكانت هذه الأبراج كأنها الجبال عالية على سور البلد، ومركبة على عجل يسع الواحد منها من المقاتلة ما يزيد على خمسمائة نفر، ويتسع سطحها لأن ينصب عليه منجنيق، وقد ملأ ذلك نفوس المسلمين خوفاً ورعباً، ويئس المحاصرون في المدينة،

<<  <  ج:
ص:  >  >>