وفي ذات ليلة جاءوا بهذا البرج إلى الموضع الذي عينه
السلطان للزحف إلى ميدان القتال. غير أن العدو تمكنوا من
إحراقه بقذفهم النار اليونانية إياها طيلة الليل (١٨نيسان١٤٥٣)
(راجع تاريخ الانتصارات العثمانية، ص٢٥٠، ٢٥١).
وقد عقد الأستاذ كوستاف شلومبرجيه فصلاً مفصلاً في كتابه (فتح القسطنطينية) باللغة الفرنسية - نقلاً عن بعض المؤرخين الذين حضروا المعركة أمثال باربارو وتتالدى وفرانجس وبيه رس - وصف فيه الدبابة الضخمة التي استخدمها الجيش العثماني أثناء محاصرتهم للقسطنطينية وصفاً دقيقاً جاء فيه:
أنه في صباح١٨ مايو ذُعِر المحصورين في المدينة وأخذهم فزع شديد إذا رأوا بغتة البرج الخشبي السيار كالجبل عالياً فوق السور، فملأ ذلك قلوبهم خوفاً ورعباً، وفقدوا صوابهم فتحيروا في أمرهم ولم يدروا ماذا يصنعون؟!. . . وقد حضر الإمبراطور قسطنطين - حين بلغه الخبر - مع أركان جيشه لمشاهدة هذا البرج العجيب المسمى بالقلعة الخشبية (أو الدبابة).
لقد قاموا المهندسون الأتراك بصنع هذه الآلة قرب السور أثناء الليل بصورة خفية وسريعة جداً لم تستغرق أربعة ساعات بدرجة ينبغي أن نقول بأن أهل القسطنطينية جمعاء لم يكونوا ليصنعوا مثر هذا البرج في شهر كامل وإن يساعد بعضهم بعضاً.
كانت هذه القلعة الخشبية مصنوعة من أخشاب قوية مربوطة بعضها ببعض ربطاً محكماً وهي مغلفة من الجهة العليا بطبقتين من الجلد الإبل. وقد غطيت من جميع أطرافها بالطين حفظاً من التأثيرات الخارجية: وكانت تسير على عجلات متحركة ومغلفة بجلود البقر والجاموس. وهناك يوجد في داخلها الدرج (السلم) للصعود إلى الطابق الفوقاني منها. وفيها أنواع العتاد والأسلحة، كما كان فيها أيضاً كثير من السلالم الخشبية بغية استعمالها في التسلق على الأسوار. كانت لها ثلاث نوافذ متجه نحو السور يرمون من خلالها العدو بالسهام. . .