للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن تفهم، على أنها مادة فكرية تحطم حواجز المحلية المقيدة لتنفذ إلى مسالك العالمية الطليقة، وبمثل هذا الفن الإنساني تمكنت هذه الآداب جميعاً من أن تحتل مكانها في كل وطن، وكل بيئة، وكل لغة. . . وهذا هو الطريق!

جان بول وسارتر والشعر:

للفيلسوف الفرنسي الكبير جان بول سارتر مجلة أدبية فلسفية هي (العصور الحديثة أو. . ولا أريد أن أحدثك هنا عما ينشر فيها من بحوث، ولا عن مكانة صاحبها من الفكر الفرنسي المعاصر، وأن كنت قد حدثتك عن مكانة سارتر في عدد مضى من الرسالة. وإنما أريد أن أنقل إليك قصة طريفة تتعلق بالفيلسوف الفرنسي الكبير وبمجلته الرفيعة؛ وهي أن شاعراً من الشعراء الفرنسيين قد بعث إليه بقصيدة من (روائع شعره) لتزدان بها صفحات (العصور الحديثة). . . ومضى شهر وشهران وثلاثة والشاعر ينتظر، ينتظر نشر القصيدة التي ألقى بها سارتر إلى سلة المهملات!

وحين يئس الشاعر من عطف الفيلسوف، أطلق لغضبه العنان فكتب مقالاً ثائراً في (الفيجارو) يتهم فيه سارتر بأنه رجل لا يحترم الشعر لأنه لا يفهمه، والدليل على ذلك أنه لم يستطع أن يتذوق قصيدته (الفريدة) التي رحبت بنشرها الفيجارو في صفحها الأدبية!. . . وتناول الفيلسوف قلمه ليبعث إلى الصحيفة الفرنسية بهذه الكلمات (عزيزي رئيس تحرير (الفيجارو). . أؤكد لك أنني أفهم الشعر، وأؤكد لك أنني أحترمه أكثر مما أحترم الفلسفة، والدليل على مدى احترامي للشعر هو أنني أخرجت كتاباً عن (بودلير) الشاعر في حين أنني لم أكتب شيئاً عن (ديكارت) الفيلسوف. . . أما الدليل الأخير فهو أنني قد ألقيت بقصيدة الشاعر الذي هاجمني إلى سلة المهملات)!!

قصة طريفة أهديها إلى الشاعر المصري (الكبير) الذي بعث إليّ برسالة يتهمني فيها بأنني لا أحترم شعره لأنني لا أفهم الشعر، وكان قد أهدى إليّ إحدى قصائده لأقدمها إلى القراء على أنها من فرائد (الأداء النفسي)، ذلك الأداء الذي سبق أن بحثت مشكلته على صفحات (الرسالة). . . وأكتفي بهذا وأصفح عما جاء برسالته من عبارات مهذبة، وعليه أن يشكرني في رسالة أخرى لأنني استشرت الذوق فلم أذكر اسمه، وإذا لم يفعل فسأعمد إلى التصريح بعد التلميح!

<<  <  ج:
ص:  >  >>