للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولم يعرف عنه شعر من ذلك النوع الذي كان يقوله الشعراء في دار (ابن رامين) قبلة الشعراء المجان الذين يبحثون عن الخمر والجمال في هذه الدار. ولم يعرف عنه أمر آخر من تلك الأمور التي تعد منقصة في الرجال، ومع ذلك فقد اتهم بالزندقة والوضع، والكذب في الحديث.

أما الزندقة فلا أستطيع أن أثبتها ولا أن أنفيها، فلم تذكر الكتب التي اتهمته بهذه التهمه الأسباب الداعية إلىهذا الاتهام. وأما الوضع والدس والكذب في الحديث فلها شأن ستراه فيما بعد.

وعرف سيف بتخصصه بلون واحد من الأخبار، هي أخبار (الفتوح والردة) وكلها حروب وعراك: حروب لنصر كلمة الله وإعلان شأنه، وعراك لإخماد كلمة من أراد إخماد كلمة الله وإطفاء نوره. ولذلك قيل له صاحب (كتاب الردة والفتوح) وعرف بهذا الكتاب الذي لم يصل لنا كاملا مع الأسف، ولعله لم يصل إلىالناس منذ أمد بعيد. وتدل وقائع الأحوال على أنه كان صاحب كتب أخرى في التاريخ.

وقد اعتمد على هذا الكتاب مؤرخ حصيف شهير هو محمد بن جرير بن يزيد بن كثير غالب أبو جعفر الطبري المتوفى سنة (٣١٠) للهجرة، وإلى هذا المؤرخ يعود الفضل في إطلاعنا على نماذج من ذلك الكتاب، وعلى فصول منه. وقد ألف عدد من كبار المؤرخين (الردة) ومع ذلك فقد رجح الطبري سيف على سواه؛ رجحه حتى على (كتاب الردة والدار) لأبى عبد الله محمد بن عمر الواقدي. وعلى (كتاب الردة) لأبى الحسن على بن محمد المدائني. وعلى كتب أخرى لمؤرخين شهيرين في هذا الموضوع كانوا الطليعة وفى مقدمة أصحاب الأخبار. ويستمر صوت (سيف) عالياً في تأريخ الطبري، حيث تجد له مكانة في الكتاب، إلىانتهاء حوادث معركة (الجمل) فينخفض هذا الصوت ثم ينقطع تماماً، ليرتفع صوت آخر، صوت قوي رنان، هو صوت أبي مخنف لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف الأزدي الذي يتسلم دوره، ويصبح بطل الكتاب من معركة (صفين) فيما بعد يساعد، المدائني وعوانة والوافدي وعمر بن شبة وابن الكلبي وأمثالهم.

وكان سيف كأكثر أصحاب الأخبار عاطفي المزاج، متعصباً لقبيلته، يرفع من شأنها، ويضيف إليه ا، ويجعلها بطلة في كل الحوادث، مثله في ذلك مثل أكثر مؤرخي زمانه،

<<  <  ج:
ص:  >  >>