الذين أضافوا إلىقبائلهم ما لا يدخل في حسابها، فخلقوا لها شعراً ونثراً ليجعلوا لها شأناً يفوق شأن القبائل الأخرى. وما الذي يهم ابن القبيلة غير قبيلته التي ينتمي إليه ا، والتي تدافع عنه، والتي تكون قوميته، أما القبائل الأخرى فأمرها إلىالله.
وأنا لا أريد أن ألوم صاحبنا على عاطفته الجامحة هذه، فقد كان عصره عصر القبائل، وقد كان النظام السياسي القائم نظاماً قبلياً، يستند على العصبية القبلية. لا حقوق للمواطن فيه إلا إذا كان ينتمي إلىقبيلة تحميه، أو إلىعشيرة تدافع عنه، فطبيعي إذا أن يكون على المؤرخ في ذلك الوقت إلىواجب شاق، ودين في عنقه للقبيلة، فهو مضطر إذا بحكم الوقت إلىالتعصب لعشيرته، وإضافة المفاخر إليه ا، فلا نلوم صاحبنا إذا إذا ما أضاف إلى (تميم) ونسب إليه افي الفتوحات والردة ما كان يجب أن ينسب لقبيلة أخرى. فالعصر عصر قبائل. وقد نسب محمد بن الساب بن بشر الكلبي المتوفى سنة ١٤٦ وابنه أبو المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي المتوفى سنة ٢٠٦ للهجرة وغيرهما ممن هو أقدم أو أحدث عهداً منهما، أشياء كثيرة إلىقبائلهم لم يكن لهل أصل ولا نسب في الأخبار.
ثم لا تعجب من فعل أولئك الناس؛ فقد أضاف القرن العشرين بآلاته واختراعاته وتقدم العقل فيه أضعاف الذي أضافه أولئك الذين نتحدث عنهم، كما حذف القرن العشرون بكبريائه واعتداده بما يملكه من وسائل النقد والتدقيق، والتمحيص، شيئاً كثيراً من الحقائق والوقائع التي يعرفها الناس في كل مكان فلا عجب إذا ظهر من قال: كذب والله أصحاب التأريخ. وويل للعالم من شر المؤرخين. وأنا واحد منهم على كل حال.
درس سيف بن عمر على جماعة من المؤرخين والمحدثين والإخباريين أمثال هشام بن عروة المتوفى سنة ١٤٦ أو ١٤٧ للهجرة وهو من ممثلي مدرسة الحديث في المدينة ومن كبار المحدثين بها، وناشر طريقة أهل المدينة في العراق، ومن المحدثين بحديث أهل العراق، والذي عده أهل المدينة فيمن أسف في أواخر عهده في الحديث، وانحرف عن الجادة، جادة أهل المدينة المعروفة في كيفية رواية السند، وفي الحرج والتعديل، فتركه المشائخ مشائخ المدينة الذين حافظوا على الطريقة التي ورثوها وهي طريقة محافظة بالنظر لأهل الحديث في العراق.
ودرس على محدث آخر يرجع أصله إلىالبيزنطيين هو أبن جريج، أبو الوليد أو أبو خالد