أما لجميل عندكن ثواب ... ولا لمسيء عندكن متاب
أو أنسب من البدء بإهداء التحية لمن يحبها، في قصيدة يحيي بها إخوانه في الموصل، إذ يقول:
سلام، رائح، غادي ... على ساكنة الوادي
أو من البدء بهذا الغزل الحزين، الذي يشكو الفراق في قصيدة أرسلها إلىأخيه، وهو أسير:
فديتك إني للصبابة صاحب ... وللنوم مذ زال الخليط مجانب
وما أدعي أن الخطوب فجأنني ... لقد خبرتني بالفراق النواعب
ولكن الشاعر في أغلب الأحيان، ما كان يحسن التخلص من الغزل إلىالغرض المقصود، بل كان انتقاله فجائيا، وهو في ذلك يشبه البحتري زعيم شعراء الشام. فها هو ذا - مثلا - يتغزل، ويختم غزله بقوله:
وقد عاديت ضوء الصبح حتى ... لطرفي عن مطالعه ازورار
ثم ينتقل إلىالفخر قائلا من غير أن يحسن التخلص:
ومضطغن يرواد في عيبا ... سيلقاه إذا سكنت وبار
وفي بعض الأحيان يحسن التخلص، كما في تلك القصيدة التي بعث بها إلىابن عمه أبي زهير، وفيها يقول:
يا أخي يا أبا زهير، ألي عندك عون على الغزال الغرير -؟
لم تزل مشتكاي في كل أمر ... ومغيثي وعمدتي، ومشيري
وهكذا يمضي في حديث أبن عمه.
وقبل أن أختم الحديث عن غزله، أشير إلىما يبدو في هذا الغزل حينا، من شعور أبي فراس بنفسه محبوبا، وأنه ليس شخصا عاديا، ولكنه محب جدير أن يقابل بغبطة من يحبه، وأن يضم عليه بالنواجذ، فتسمعه يقول:
أجملي يا أم عمر ... زادك الله جمالا
لا تبيعني برخص ... إن في مثلي يغالي
بل لقد تدلل مرة على من يحب، حتى شكته إلىإحدى جاراتها:
قامت إلىجارتها ... تشكو بذل وشجا: