للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ثم قام سعيد برحلة إلى بلاد الحجاز. وكانت هذه الرحلة أشبه بحملة عسكرية إذ صحبه من الجند والحاشية نحو ألفي رجل من مشاة وفرسان ومدفعية وأتباع. وفي ذلك يقول الساعاتي مخاطباً سعيدا:

ملأت قلوب العرب رعباً فما دروا ... بعثت لهم بالكتبأمبالكتائب

تركتهم في أمرهم بين صادق ... وآخر في تيه من الظن كاذب

تسير لهم في بحر جيش عرمرم ... يفيض بموج الحتف من كل جانب

إذا هتفوا باسم العزيز تزلزلت ... جبال عليها الذل ضربة لازب

فكيف إذا يممت بالشهب أرضهم ... وزاحمت ما في أفقهم بالنجائب

وجرد عليها الأسد في قصب القنا ... ترى الأسد في الآجام مثل الثعالب

فعصر سعيد قد امتاز في بعض فتراته بظهور الروح العسكري الوطني. وقد أثر هذا في الشعر على نحو ما بينا. وأقبل الشعراء في ذلك العصر على نظم الأناشيد العسكرية الحماسية، فنظم رفاعة رافع الطهطاوي جملة من أناشيد وطنية تذكر ما جاء في أحدها وهو:

يا جند مصر لكم فخار ... بين الورى عالي المنار

كالشمس في وسط النهار ... صيت لكم في الكون سار

حادي السعود به حدا ... والطير صاح وغردا

بشرى لمصر قد بدا ... فيها الفخار مؤبدا

بأميرها يحر الندا ... أعني السعيد محمدا

وحذا حذوه السيد صالح مجدي فأنشأ (القصائد الوطنيات) وكذلك فعل مصطفى سلامة النجاري شاعر سعيد الخاص، ومحمود صفوت الساعاتي.

وفي عصر سعيد ظهرت في مصر بعض المخترعات الحديثة كالسفن البخارية والآلات الزراعية التي تدور بالبخار وآلات رفع الماء كما أن السكك الحديد قد أخذت تحل محل شيئاً فشيئاً محل وسائل، النقل القديمة. وكذلك انتشرت الأسلاك البرقية. فتغنى الشعراء بهذه المخترعات. قال السيد صالح مجدي يصف (وابور) سعيد:

أمدينة من فوق لج الماء ... تجري بأبهج منظر وبهاء

<<  <  ج:
ص:  >  >>