عليها ولم تتكشف له، وصف المشاهد الخبير. وحتى هذا العمل الوصفي معقول ومقبول، على ألا يأتي بعد ذلك إنسان فيتحدث عنها كما لو كان يتحدث عن الحقائق المقررة.
ونعود ثانية لنقول إن الله أرفع شأناً وأسمى مقاماً من أن نخضعه لأحكامنا ومن أن يتحدد بأهوائنا ويتوقف شكله على أمورنا المعيشية. وأي وصف نلصقه به وأية كيفية نلحقها بذاته لا تخرج عن كونها تخميناً لا يرتفع إلى درجة اليقين ولا يوثق به الوثوق الكامل. أما إذا أخذنا مسألة الصفات على حقيقتها ونظرنا فيها على أنها مشكلتنا نحن البشر فأغلب الظن أننا سنبلغ أمراً علة قدر كبير من الأهمية من ناحية التحليل الخاص بالعواطف الإنسانية والتسجيل الدقيق لخواطر الناس والاحساسات التي تعم بني آدم فوق الأرض. وذلك لأننا أقرب إلى أنفسنا عندما نتحدث عن الله منا إلى الله، وأشد ارتباطاً بقلوبنا وأوضاعنا في تلك الآونة منا إلى ملكوت السماء، وأكثر حباً لمصالحنا وأهوائنا من لهدى الله ورضوانه.
أيها الإنسان! ثب لرشدك وعد إلى نفسك وانفض غبار النفاق عن جبينك لتعلم أن الرب أعظم من أن يلحقه وصف، وأرفع من أن تبلغه كيفية، وأسمى من أن يلابس المقادير ومجريات الأمور على أرض دنستها بريائك، ووسدتها بلحم آبائك.