وتواري بعضهم بين الشعاب المفضية إلى المضارب يتسمعون دوى البنادق وزفرات الشهداء.
فكشف الناس في أفق الصبح قوافل من السيارات تنوء بالعتاد والمضارب وفيها أشباح يخفقون، وهي تطوي ما بين المضارب والمحطة.
وسارع الناس فرادى إلى الأفاريز فتبينوا بارقا من الرحمة، وتوسموا الخير كله في نواصي السيارات. فقد كان ركبها من الذين استباحوا حمى مقطفة وأهل نجدها، طوح بهم القائد إلى أطراف الديار.
وذخر القطار يمشي بهم في غير ذمة الله تشيعهم من ناحية القائد عين ناقمة متبرمة.
وأومأ أمير الجيش إلى سيارة موصدة فانفرجت عن فتيان النجد في أمن ودعة، واستمعوا حكم البراءة مهللين مكبرين، يلوحون بالعمائهم ويملؤون الأفق حمداً وثناء على مكارم القائد ونبله. وتقدمتهم إلى النجد مقطفة تلوي عصائبها القرمزية، وحولها حلقة مفرغة من بنات الحي يغنين نغم البيد، ويرتلن حلو الأغاردي.