للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الترفع والكبرياء، ففاض جيبك بآمال وفهقت دارك بالنعمة وطفح قلبك بالرضا. وجذبك أسعار المال عن أن تلتفت إلى وراء، ساعة من الزمان لترى اخوتك يتقسمون تراث أبيك وهو ضئيل لا يسمن الجوع ولا يغني من العرى. وجمدت مشاعرك فيما بضطت كفك لواحد منم بقرش ولاحق قلبك على طفل من أبناءهم، فعشت عمرا من عمرك منطويا على نفسك ولا تزيح عن اهلك غمة ولا تفرج كربة ولا تمسح لوعة , على حين انك تنعم بوفرة الثراء وتسع لكثرة المال. وهم يجدون ضيق اليد وكثرة العيال.

وابتسمت لك الحياة مرة أخرى فإذا أنت أب، فاشرق النور في قلبك لدى مطلع الصبا، وانفرجت أساريرك، فآخذت تربيه على نسق من الفساد يطم على العقل دلالا، وتنشاه على نهج من الضلال يعبث بالرأي رحمة به، وتصوغه في قالب من الغي يعطف بالأدب عطفا عليه، والى جانب زوجك تدلل الصبي وتغريه وتدفعه إلى أن يتردى في الجهل والبلج في العناية فأنطلق على سننه يغتمر في لجة من الحمق والسفاهة. وأنت - يا صاحبي تنظر فلا تردعه عن غواية ولا ترده عن نبوة.

وتراءى لك إن الصبي يخطو إلى الشباب في غير ريث، ويسير إلى الفتوة في غير مهل، فأشفقت عليه من عصا المعلم إن تقضقض عضمه، وظننت به على ظلام المدرسة أن تهد من قوته فامسكته إلى جانبك يرتشف من غفلتك ويتفيأ من حمقك، فسقط في مهاوي الجهل يعاشر البهيمة في الغيض ويهفو إلى رفاق السوء في القرية. فاخذ بأسباب اللهو الوضيع وارتدع في حماءه الرذيلة، وأنت في عمى عنه، والناس من حواليك يتهامسون بحديث ابنك الوحيد وهو ينفق عن سعة ويبذل في سخاء، ويسف في الطيش ويسف في رعونة. يتهامسون ولا يجرؤ واحد على أن ينفظ أمامك حالة خشية أن ينالك عنت الحديث أو تؤذيك قسوة الخبر، فانضمت الشفاه على عبارات السخط والكراهية وسكتت الألسن عن كلمات المقت والازدراء. وذهبت أن تصحب وحيدك - بين الفينة والفينة - إلى الحقل تبصره بالعمل وتثقفه بالفلاحة وتعلمه حاجات الغيط وتزوده بالنصيحة. علك تجد العون والمساعدة أن وهي جلدك أو انحطت قوتك، فكان يلقى السمع إلى حديثك وذهنه هناك. . . يتلمس اللذة الجارفة من لذات الشباب، ويفتش عن سلوه العارمة من أسباب الطيش، فخيل إليك أن الشباب اصبح رجلا يستطيع إن ينهض بالعمل وان يصرف الأمر، فألقيت إليه

<<  <  ج:
ص:  >  >>