النبي صلى الله عليه وسلم من أنه قال: اتقوا الحديث علي إلا ما علمتم، فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار. ومن قال في القران برأيه فليتبوأ مقعده من النار. وروي أيضاً عن جندب أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال في القران برأيه فأصاب فقد اخط. وفي تفسير هذين الحديثين نقل عن ابن ألا نباري أن حديث ابن عباس فسر تفسيرين: أحدهما: من قال في مشكل القرآن بما لا يعرف من مذهب الأوائل من الصحابة والتابعين فهو متعرض لسخط الله. والتفسير الآخر، وهو اثبت القولين وأصحهما معنى: من قال في القرآن قولا يعلم أن الحق غيره، فليتبوأ مقعده من النار، إما حديث جندب، فقد حمله بعضهم على أن الرأي معنى به الهوى، فالمعنى من قال في القرآن قولا يوافق هواه، ولم يأخذه عن أئمة السلف فأصاب، فقد اخطأ، لحكمه على القرآن بما لا يعرف اصله ولا يقف على مذاهب أهل الإثر والنقل فيه. ونقل عن ابن عطية إن معناه أن يسال الرجل عن معنى من كتاب الله، فيتسور (أي يتهجم) عليه برأيه، دون نظر فيما قال العلماء، أو اقتضته قوانين العلم كالنحو والأصول؛ وليس يدخل في هذا الحديث إن يفسر اللغويين لغته، والنحويون، نحوه، والفقهاء معانيه، ويقول كل واحد باجتهاده المبني على قوانين علم ونظر، فإن القائل على هذه الصفة ليس قائلا لمجرد رأيه. قال القرطبي: هذا صحيح، وهو الذي اختاره غير واحد من العلماء، فإن من قال فيه بما صح في وهمه وخطر على باله من غير استدلال عليه بالأصول فهو مخطئ أن من استنبط معناه بحمله على الأصول المحكمة المتفق على
معناه فهو ممدوح.
قال القرطبي: وقال بعض العلماء: (إن التفسير موقوف على السماع) وهذا فاسد. . . لأن النهي عن تفسير القرءان لا يخلو إما أن يكون المراد به الاقتصار على النقل والمسموع، وترك الاستنباط، أو المراد به أمر آخر، وباطل أن يكون المراد آلا يتكلم أحد في القرءان إلا بما سمعه، فإن الصحابة قد قرءوا القرآن، واختلفوا في تفسيره على وجوه، وليس كل ما قالوه سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما النهي يحمل على أحد وجهين، أحدهما أن يكون له في الشيء رأي، وأليه ميل من طبعه وهواه، فتأول القرءان على وفق رأيه وهواه، ليحتج على تصحيح غرضه. وقد تستعمله الباطنية في المقاصد الفاسدة، لتغرير