تمييز. ومنذ تلك اللحظة تبدأ المنازعات والاختلافات التي سرعان ما تتفاقم فتصير معارك اجتماعية، وتندلع النيران في الدول، ويزول آثرها كل زوال.
(٨) وسواء أنهكت الدولة الهزاهز الداخلية أم أسلمتها الحروب الأهلية إلى عدو خارجي، فإنها في كلتا الحالين تعتبر قد خربت نهائيا كل الخراب - وستقع في قبضتنا. وسيمد الاستبداد المالي - والمال كله في أيدينا - إلى الدولة عودا لا مفر لها من التعلق به، لأنها - إذا لم تفعل ذلك - ستغرق في اللجة لا محالة.
(٩) ومن تخالجه - تأثرا ببواعث التحررية - الإشارة إلى أن بحوثا من هذا النمط منافية للأخلاق - فسأسأله هذا السؤال: لماذا لا يكون منافيا للأخلاق لدى دولة يتهددها عدوان: أحدهما خارجي والآخر داخلي - أن تستخدم وسائل دفاعية ضد الأول تختلف عن وسائلها ضد الآخر، وأن تضع خطط دفاع سرية، وأن تهاجمه في الليل أو بقوات اعظم؟ ولما يكون منافيا للأخلاق لدى الدولة أن تستخدم هذه الوسائل ضد من يحطم أسس حياتها وسعادتها؟
(١٠) هل يستطيع عقل منطقي سليم أن يأمل في أن يحكم الغوغاء حكما ناجحا باستعمال المناقشات والمجادلة، مع أنه يمكن مناقضة مثل هذه المناقشات والمجادلات بمناقشات أخرى، وربما تكون المناقشات الأخرى مضحكة غير إنها تعرض في صورة تجعلها اكثر أغراء لتلك الفئة العاجزة من الجمهور عن التفكير العميق، والهائمة وراء عواطفها التافهة وعاداتها وعرفها ونظرياتها العاطفية.
(١١) إن الجمهور الغر الغبي، ومن ارتفعوا في بينه - لينغمسون في خلافات حزبية تعوق كل إمكان للاتفاق ولو على المناقشات الصحيحة، وان كل قرار للجمهور يتوقف على مجرد فرصة، أو أغلبية ملفقة تجيز لجهلها بالأسرار السياسية حلولا سخيفة، فتبذر بذور الفوضى في الحكومة.
(١٢) إن السياسة لا تتفق مع الأخلاق في شئ. والحاكم المقيد بالأخلاق ليس بسياسي بارع، وهو لذلك غير راسخ على عرشه.
(١٣) لابد لطالب الحكم من الالتجاء إلى المكر والرياء؛ فإن الشمائل الإنسانية العظيمة من الإخلاص والأمانة تصير رذائل في السياسة. إنها لتبلغ في زعزعة العرش اعظم مما يبلغه