- جانب الدفاع - فقد كان الملك غائباً عن دياره، وحلّت ابنته محله في إدارة شؤون البلاد، وقد اطلعت بواسطة حبيبها بنطاؤر على دسائس الكهنة. فتعاونا معاً على كشف الجريمة واتخاذ التدابير الكفيلة بانتصار رعمسيس.
وبسبب غياب رعمسيس وتنبه الكهنة إلى نفوذ ابنته كانت سياستهم موجهة ضدها، فاخترعوا لذلك قصة الدنس وما تفرع عن ذلك من الحوادث التي ليست في مجموعها إلا إطاراً زاهي اللون لذلك المحور الذي ذكرناه، وهو العامل السياسي، ولو خلت القصة من تلك الزخارف، فلا شك أنها تكون جافة لا يستسيغها القارئ ولا المتفرج، ولاسيما في التراجيديات الكبرى التي تتطلب جهداً وانتباهاً عظيمين. وبراعة المؤلف هي في حسن سبك هذه الحوادث وصبغها بصبغة الأهمية. وإعطائها اللون الذي يجعل لها في نظر المطلع عليها قوة الموضوع الأساسي وعظمته، وفي أن يشعره بأنها متصلة به اتصالاً وثيقاً. وهذا ما توخيته في روايتي. ولقد قال حضرة الناقد في موضع آخر من مقالة: إن كل منظر في الرواية يكاد يكون مستقلاً، فلعلي لا أكون مخطئاً إذا لفت نظر حضرته إلى أن القاعدة الفنية المعمول بها في معظم المآسي العالمية الكبرى هي التي أوحت إليّ السير على هذا النمط الذي أجده معقولاً، فان موضوع القصة يجب أن يقسم تقسيماً عادلاً بين الفصول، بحيث أن الحادثة أو جزء الرواية الذي يتناوله المؤلف في أحد الفصول يجب أن تكون جزئياته كاملة بحثي لا يسدل الستار على شيء أبتر والمتفرج فاغر فاه في انتظار شيء يشعر بلزومه. إن المتفرج يجب أن يشعر إزاء كل جزء من الرواية أنه إزاء رواية كاملة بجميع جزئياتها في دائرة جزء القصة المخصص لذلك الفصل، على أن يربط هذه الحوادث جميعاً بحوادث الفصل التالي للموضوع الأصلي، وهذا بالذات ما فعلته.
أما قول حضرة الناقد أنني جعلت خاتمة المأساة متوقفة على نصيب رعمسيس في الحرب وأن هذا معروف للقارئ. فليسمح لي بأن أقول لحضرته إن المعروف للقارئ عن انتصار رعمسيس لم يتطرق إلى ذهنه بواسطة روايتي إلا في النهاية، ومعرفة القارئ هذا الانتصار من كتب التاريخ لا يقلل من أهمية القصة، بل بالعكس يجعل لها قيمتها التاريخية من حيث أن المؤلف مطالب بالاحتفاظ بروح التاريخ وإثبات الحوادث الكبرى المعروفة. فما يعتبره الناقد عيباً من هذه الناحية هو حجتي في الدفاع عن الرواية. إن المؤلف لا يبالي