للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معرفة الجمهور بحادث تاريخي معين وإنما هو يسير في عمله على حسب ما يقتضيه سياق القصة وحسن سبكها، ومهمة المؤلف هي في إيضاح تلك الحوادث المعروفة وتصويرها بدقة وإلباسها الثوب القشيب الذي يجعل الجمهور يتقبلها بغير عنت ولا نفور. فإذا نجح المؤلف في ذلك فلا شك أن الاستمتاع بالعمل الفني يكون كاملاً.

أما ما يأخذه عليّ حضرة الناقد من سذاجة الحوار في بعض الحوادث فان ذلك كان يتبع روح الأشخاص الذين كنت أتكلم بلسانهم.

أما ما يتعلق برجوع بنطاؤر عن فلسفته بسرعة وانقياد إلى بنت أنات، فأني أوافق الناقد على انهما لم يكونا بصدد موضوع تافه بل بصدد موضوع خطير للغاية، ولكن بنطاؤر كان مدفوعاً بعدة عوامل أظهرناها جميعاً بجلاء تام في سياق القصة، وخلاصتها أنه كان يحب بنت أبات حباً مبرحاً منذ عام، وأنه كان يخالف في قلبه جميع معتقدات الكهنة ويدين بما تدين به حبيبته، وأنه خاف عليها أن يتولى عقيدتها الطاهرة الفساد. هذا فضلاً عن قوة الحجة التي أدلت بها بنت أنات في حضرة الكاهن وثورتها عليه ولين عاطفة بنطاؤر ونفسه الشاعرية الحسّاسة. لقد اجتمع لديه كل ذلك في وقت واحد فسلّم السلاح. على أن ضميره عاد يؤنبه بعد ذلك فكاشف صديقه نبسشت بعد تردد قليل بما يكنه قلبه. ولا غرابة في ذلك فان بنطاؤر ونبسشت صديقان حميمان وكلاهما يعد نفسه أمين سر للآخر وموضع ثقته وملاذه.

وأما أنني جمعت بين التأليف والتمثيل بإشارتي إلى ما ينبغي حدوثه على المسرح فلا أظن في ذلك مايعيبني، ولاسيما أن هذه هي الطريقة المتبعة في كل المسرحيات الحديثة.

هذا ما وجب أن أدفع به المآخذ الموجهة إلى روايتي، فلعلي أكون قد وفقت في بياني، والله سبحانه وتعالى يهدينا جميعاً إلى ما فيه السداد.

فرنسيس شفتشي

همام

قرأت ما كتبه الأخ الأديب (م) عن قصة (همام) في (الرسالة) الغراء، وأشكره على حسن ظنه في تقريظه، وأدبه في نقده، وأرجو أن أكون أكثر إرضاءً له في المستقبل.

<<  <  ج:
ص:  >  >>