للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن لضوئه قلبا ... وإن لسحره جفنا

يصيد الموجة الغدرا ... َء من أغوارها وهنا!

وكم من ليلةٍ لمَّا ... دعاه الشوق واستدنى

جثا الجبار بين يَديك ... طفلاُ يشتكي الغبنا

أراد فلم ينل ثغرا ... ورام فلم يصب حضنا

موتك ذراعه رسما ... وأنت حويته فنا!

عصيت هواه فاستضرى ... كأن بصدره جِنَّا

مضى بالنضرة الرعن ... اء يطوي السهل والحزنْا

يثير الليل أحقادا ... وصدر سحابة ضغنا

وعاد الطفل جبارا ... يهز صراعه الكونا!

فردى الشرفة الحمرا ... َء دون المخدع الأسنى

وصوني الحسن من ثورة ... هذا العاشق المضنى

مخافة أن يضن الن ... اس في مخدعك الظنا

فكم أقلقت من ليلٍ ... وكم من قمر جُنَّا!

أحدثك في هذه القصيدة أول ما أتحدثك عن الموسيقى؛ الموسيقى التصويرية التي تصاحب المشهد التعبيري. ويجب أن نفرق بين لونين من الموسيقى: هما موسيقى اللفظ وموسيقى النفس. . . نفرق بينهما ما دمنا ندرس الشعر هذه الدراسة الجديدة، ونفهمه هذا الفهم الجديد، ونقومه بتقويم الأداء النفسي الذي قدمت إليك صورة وألوانه ومراميه.

شاعر الأداء اللفظي هو من يعني بالموسيقى الخارجية ليجذب سمعك، وشاعر الأداء النفسي هو من يعني بالموسيقى الداخلية ليجذب قلبك. . . وهنا مفرق الطريق بين موسيقى تستمد رنينها من اللفظ وحده لتهز منافذ الأذن ومن موسيقى تستمد رنينها من النفس لتهز مسارب العاطفة! نريد في الأداء النفسي تلك الموسيقى الداخلية، الموسيقى المعبرة تمام التعبير عن حالة شعورية خاصة، طبعت أداء الشاعر بطابع صوتي خاص، تلمسه في انسياب النفس الشعري أو تهدجه، في إسراعه أو إبطائه. . . في اندفاع النغم الشعري أو تموجه، في ارتفاعه أو انخفاضه. مثل هذه الموسيقى الداخلية تنقل إليك نقلاً أمينا كل شحنه

<<  <  ج:
ص:  >  >>