للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- ورأي لك إنسان

- وما الإنسان في عقيدتك؟

- هو تلك الروح السامية التي وهب الله لها العقل لتفهم، والقلب تسري به العواطف رفيعة، وهو الشعور الرهيف والحس الدقيق الذوق.

- الفن والأدب العالي وسائر ما تعرف به أنت وصحبك هؤلاء ليقنع كل منكم الآخر أنه، فنان وتستتلون أن المخلوق غير الفنان حيوان، وأنكم أنتم وحدكم الصفوة المختارة والرهط. . .

لم أطلق السكوت بعد أن أشار إلينا بسخريته الصفيقة فقلت له:

- من قال ذا. . . وما شأنك والفنان حتى تعرض به. . .

- ما شأني. . . أماسونيةً هي! ماذا تريدني أن أكون حتى أتكلم عن الفن. . . هل حتم عليَّ أن أملأ صفحة مما تملأ حتى أصبح فناناً.

- من قال إن الفنان صفحة

- فما هو إذن

- هو الذي علمه الأدب أن يقول من هو لا ما هو. الفنان هو ذلك الإنسان الذي يحس باللفظ على لسانه وفي عقله؛ وهو ذلك الرؤوف الشفيق، هو ذلك القلب الخافق والشعور الرهيف. إن في المخلوق ناحيتين: ناحية تنتظم العقل والقلب والحس، وأخرى تحوي المعدة وما يتلوها مما وهب الله للحيوان، فمن نظر إلى عقله وقلبه وحسه كان إنسانا، والإنسان فنان لأنه يغلب الشعور على المادية. ومن نظر إلى معدته كان حيواناً، لأنه يبحث دائماً عما يسكت به نهمه.

- الله. . . شرَّع أنت شرَّع. . . على أنني حتى إذا طبقت قولك هذا على نفسي وجدتني إنساناً فأنا أغلب العقل دائماً. . .

- يخيل إليك أنك تغلبه. . . وأنت دائماً تقول إنك تغلب العقل على شعورك وعاطفتك، وهذا كذب لأنك إذا كنت تنظر إلى نفسك دائماً وتفعل فأنت إنما تغلب أنانيتك لا عقلك.

- وما تراني فاعلاً إذا نظرت إلى نفسي بعاطفتي وحسي. أتراني أجد عاطفتي تكرهني. اللهم إنكم جميعاً تعلمون أن أحب خلق الله إلى نفسك هي نفسك.

<<  <  ج:
ص:  >  >>