- نعم نعلم ذاك، ولكننا نرضيها بعمل الخير لغيرنا ويحب الخير للناس. والنفس الإنسانة هي تلك. . . ليست والله لقمة وقرشاً هي حب وعاطفة.
- تتكلم وكأنك جاهل أحمق. . . ألم تقرأ آخر ما كتب علماء النفس. . . ألم يقولوا أن كل الأعمال مردها إلى الغريزة فأين من هذا الشعور والعاطفة. . . فالحب الذي تقول عنه ما هو إلا غريزة.
- هو ذاك ونحن نعلمه قبل أن تسمع به أنت. . . غير أننا نعرف أيضا كيف نهذب هذه الغريزة ونرقى بها. . .
- أرني بربك. . . هذب غريزتي ولك الأجر والثواب عند الله.
- هذا إليك. أنظر إلى الأمور بقلبك وشورك وعقلك تهذب غريزتك وتصبح إنساناً. . . الإنسان هو من يستطيع أن يغلف هذه الغريزة. وعمل الفنون في كل العالم هو أن يضربوا حول الغريزة سياجاً من الوميض يعميهم عنها فيرتفعوا بإنسانيتهم.
- تدعوني إلى أن أغش نفسي.
- بل إلى أن تعيش إنساناً لا حيواناً. . . أدعوك إلى أن تغلب ما ميزك به الله على الحيوان فإذا أنت رفيع النظرة دقيق الحس
- والحقيقة؟
- تدركها وترتفع عنها.
- وعقلي؟
- تدرك به هذه الحقيقة وتسمو به وتصرفه إلى الأهداف السامية من الحياة.
ارتج على الصديق فعالجه أحد الجالسين
- لا تناقش فالله ما قصد واحد منا إلى إقناعك. . . إنها يا بني نفسك وليس لنا معها حيله. . . والله أن كنت قد اقتنعت فأنك ستكابر. والجو على أسوأ أحواله ورؤوسنا مصدوعة. . . فقم إلى جسدك فليس لنا من الفراغ ما نضيعه معك أكثر من هذا.
سكت الأرضي على مضض وما لبث أن استأذن وقام. . . قام لأول مرة مهزوماً على غير اقتناع. . . يحمل في صدره سخيمة الهزيمة ونحن نعلم ولكننا لم تملك أنفسنا أن نشفق عليه.