للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- نعم نعلم ذاك، ولكننا نرضيها بعمل الخير لغيرنا ويحب الخير للناس. والنفس الإنسانة هي تلك. . . ليست والله لقمة وقرشاً هي حب وعاطفة.

- تتكلم وكأنك جاهل أحمق. . . ألم تقرأ آخر ما كتب علماء النفس. . . ألم يقولوا أن كل الأعمال مردها إلى الغريزة فأين من هذا الشعور والعاطفة. . . فالحب الذي تقول عنه ما هو إلا غريزة.

- هو ذاك ونحن نعلمه قبل أن تسمع به أنت. . . غير أننا نعرف أيضا كيف نهذب هذه الغريزة ونرقى بها. . .

- أرني بربك. . . هذب غريزتي ولك الأجر والثواب عند الله.

- هذا إليك. أنظر إلى الأمور بقلبك وشورك وعقلك تهذب غريزتك وتصبح إنساناً. . . الإنسان هو من يستطيع أن يغلف هذه الغريزة. وعمل الفنون في كل العالم هو أن يضربوا حول الغريزة سياجاً من الوميض يعميهم عنها فيرتفعوا بإنسانيتهم.

- تدعوني إلى أن أغش نفسي.

- بل إلى أن تعيش إنساناً لا حيواناً. . . أدعوك إلى أن تغلب ما ميزك به الله على الحيوان فإذا أنت رفيع النظرة دقيق الحس

- والحقيقة؟

- تدركها وترتفع عنها.

- وعقلي؟

- تدرك به هذه الحقيقة وتسمو به وتصرفه إلى الأهداف السامية من الحياة.

ارتج على الصديق فعالجه أحد الجالسين

- لا تناقش فالله ما قصد واحد منا إلى إقناعك. . . إنها يا بني نفسك وليس لنا معها حيله. . . والله أن كنت قد اقتنعت فأنك ستكابر. والجو على أسوأ أحواله ورؤوسنا مصدوعة. . . فقم إلى جسدك فليس لنا من الفراغ ما نضيعه معك أكثر من هذا.

سكت الأرضي على مضض وما لبث أن استأذن وقام. . . قام لأول مرة مهزوماً على غير اقتناع. . . يحمل في صدره سخيمة الهزيمة ونحن نعلم ولكننا لم تملك أنفسنا أن نشفق عليه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>