كر عمرو بكره لا تقسه ... هو في حربه مبيد الأسود
هل يجاريه في الذكاء إياس ... وهو فيه إمام كل مجيد
ولم يكتف صالح مجدي بإسناد هذه الصفات إلى سعيد وإسماعيل، بل أسندها إلى كثير ممن مدحهم من الوزراء والأعيان.
وممدوحهم فريد ليس له مثيل. قال علي فهمي رفاعه:
راموا مراعاة النظير فلم يروا ... مثلا له هيهات عز مثيل
وقال أبو النصر:
إلى ملك الدنيا تود انتسابها ... لما علمت في الكون أنك أوحد
وقال الليثي:
من في المعالي وعين الله تحرسه ... في الكون يحكيه أو من ذا ينازعه
وهكذا جال الشعراء في دائرة ضيقة محدودة. فمدائح كل منهم قصيدة معادة ومدائحهم كلهم صورة مكررة.
وكانوا لإفلاسهم وضيق خيالهم يأتون بالمعنى القليل في عدة أبيات. ومثال ذلك ما جاء في قصيدة لمحمد سعيد يهنئ بها الخديو توفيق:
تهني مصر بالبشرى ... وتسمو في العلا قدرا
وللتوفيق توفيق ... خديويها لها البشرى
يتيه الملك من عجب ... بشامخ مجده كبرا
تراه حين شرفه ... تبدى باسماً ثغرا
وأصبح وهو منشرح ... لفرط سروره صدرا
لقطر النيل أفراح ... تعم بأنسها القطرا
به كل الرعية في ... حبور زادهم بشرا
وقاهرة تبسم ثغ ... رها إذ لاح مفترا
فمعنى هذه الأبيات تافه جدا، ولا يستدعي هذا الإسهاب. فالشاعر يريد أن يقول: إن مصر تهنأ بالخديوي الذي اختال به الملك وفرحت بتوليته البلاد وأهلها. وكان في استطاعته أن يأتي بهذا المعنى في لفظ موجز، ولكن رغبته في الإطالة مع خلو جعبته من المعاني