شفقها الأحمر إلى ما وراء ذلك فأطلق لها لسان الشعر يصبغه بمشاهدها الحزينة وألوانها الحمر ويسبغ عليها من القصة حبك الأسلوب وربط الحوادث وروعة التصوير. ولا تزال - تحتل المكانة الأولى من قصائد السيد حيدر - وستبقى في مواكب عاشوراء في العراق وغير العراق.
وتحدث الدكتور عن الشيخ التميمي وسماه (أبا تمام الصغير) لأن المترجم له كان مولعا بشعر الطائي معجبا به مقتفيا أثره في البديع والتلوين اللفظي وإن لم يدرك شأوه. ولولع التميمي بالطائي رثاه بقصيدة على ما بينهما من بعد في الزمن. ودراسة الدكتور لهذا الشاعر لا تعدو ترجمة حياته العلمية والمادية مع شيء من المقارنة بينه وبين أبي تمام. ولكنها على كل حال دراسة قيمة ذات شأن في تاريخ هذا الشاعر.
وممن تحدث عنهم الدكتور البصير شاعر أثير في نسبه ومكانته السياسية والأدبية وهذا الشاعر هو عبد الباقي العمري الموصلي، ففي نسبه يتصل بالخليفة عمر ابن الخطاب، وفي مكانته السياسية كان نائبا لوالي الموصل فنائبا لوالي بغداد وهو منصب له خطره وشأنه في ذلك الوقت، وفي مكانته الأدبية كان شاعراً من الطبقة الممتازة في عصره. وكان لشعره صدى عظيم في مدن العراق وقد ساجله وقرظ شعره طائفة كبيرة من شعراء عصره منهم السيد حيدر والأخرس، وأنتج غير مؤلفاته الأخر ديوانين من الشعر أحدهما (الترياق الفاروقي في منشآت الفاروقي) وقد طبع في مصر، ويشمل هذا الديوان قصائده السياسية والاجتماعية وما قاله في المدح وفي مطارحاته مع الشعراء، ومن أبدع النماذج التي اختارها الدكتور من هذا الديوان قول الفاروقي في وصف التلغراف.
ذو نقرات تسمع الصم الدعا ... وكم بها من عبرة لمن وعى
نهاية الإيجاز في تقريره ... وغاية الإعجاز في تعبيره
مسافة العام مع العامين ... يقطعها كطرفة في العين
في لحظة من مركز الخلافة ... يسري فينتهي إلى الرصافة
وسيره في سائر الأقطار ... ألطف من طيف الخيال الساري
إن الذي أبدعه تخييلا ... (مستوجب ثنائي الجميلا)
أما ديوانه الثاني فهو (الباقيات الصالحات) ويشتمل على مدائحه في النبي الكريم والإمام