وقد عاش فشها، ونال جوائزها، والظاهر أنها كانت غاضبة عليه فلم تستطع ضبط نفسها، أو أنها أشفقت عليه، فقبضت على روحه، وهو فيها، وأدخلت جسمه في جوفها، سنة اثنتين وستين ومائتين، ولكن بعد عمر طويل مديد، بعد تسعين سنة من حياة شاقة متعبة. فأراحته من الحياة، ومن حر البصرة الذي يشوي ذلك الجسم الذابل، فيجعله يرقص رقصة (الرومبا). وأنعمت عليه بتربة جافة لطيفة يستقي فيها إلى يوم يبعثون.
ولعمر كتب في الشعر والشعراء، وفي الأغاني، وله كتاب في أخبار الخليفة المنصور وفي أخبار محمد وإبراهيم بن عبد الله بن حسن. وقد نقل منه الطبري في أخباره عن خلافة أبي جعفر وأعتمد عليه في أخبار خروج محمد بن عبد الله ومقتله، ومعاملة المنصور للطالبيين. وقد دون عمر صور بعض الوثائق وذكر بعض أساليب الخليفة في استدراج خصومه، فقال (كان أبو جعفر يكتب إلى محمد عن ألسن قواده بدعوته إلى الظهور ويخبرونه أنهم معه، فكان محمد يقول لو التقينا مال إلي القواد كلهم.)
وقد سجل عدداً من هذه الرسائل والكتب التي بعث بها المنصور. أخذها من مظانها، ومن الأشخاص الذين كانوا أصحاب علم بها. ومن السجلات الرسمية التي كانت في قصور الخلفاء، وعند أمناء القصور، ولذلك كان عمل عمر بن شبة من هذه الجهة عملاً رائعاً بالنسبة إلى طريقة الاستعانة بالنصوص والوثائق لتدوين التاريخ.
وفي جملة كتب عمر بن شبة التي ذكرها ابن النديم (كتاب أشعار الشراة) و (كتاب النسب) و (كتاب التاريخ) و (كتاب السلطان) و (كتاب مقتل عثمان) ونجد نتفاً من هذا الكتاب الأخير في ثنايا تأريخ الطبري، في حوادث مقتل الخليفة عثمان بن عفان. يظهر منها أن ابن شبة كان قد أخذ كتابه من كتاب آخر لمؤلف اقدم منه هو علي بن محمد المدائني المتوفى سنة ٢٢٥ للهجرة. وهو من مشاهير المؤرخين وقد ألف كتباً كثيرة ذكر أكثرها ابن النديم. وذكر قسماً منها مؤرخون آخرون. استعان بها جماعة من علماء الأخبار والتاريخ. وقد كان للمدائني مؤلف في مقتل الخليفة عثمان ابن عفان قال له ابن النديم (كتاب مقتل عثمان بن عفان). يظهر من تأريخ الطبري أن ابن شبة رواه عنه وعن طريق ابن شبة نقل الطبري منه. وأن كتاب عمر إنما بني عليه.
ونجد في الصفحات التي دونها الطبري عن خروج علي بن أبيطالب إلى البصرة ومعركة