العربية والبحث عن المخطوطات وإخراجها ونقلها إلى الإنكليزية ليتمكن العالم من الوقوف على آثار التراث الإسلامي في تقدم الطب وازدهار العمران.
كان الرازي منتجاً إلى أبعد حدود الإنتاج، فقد وضع من المؤلفات ما يزيد على المائتين والعشرين ضاع معضمها أثناء الانقلابات السياسية في الدول العربية ولم يبق منها إلا القليل في بعض مكتبات أوربا.
ألَّف الرازي كتباً قيمة جداً في الطب، وقد أحدث بعضها أثراً كبيراً في تقدمه وفي طرق المداواة. وقد امتازت بما تجمعه من علوم اليونان والهنود إلى آرائه وبحوثه المبتكرة وملاحظات تدل على النضج والنبوغ كما تمتاز بالأمانة العلمية، إذ نسب كل شيء نقله إلى قائله وأرجعه إلى مصدره. لقد سلك الرازي (كما يتجلى من كتبه) في تجاربه مسلكاً علمياً خالصاً، وهذا ما جعل لبحوثه في الكيمياء قيمة دفعت بعض الباحثين إلى القول:(إن الرازي مؤسس الكيمياء الحديثة في الشرق والغرب معاً).
وضع الرازي كتاباً نفيساً هو كتاب (سر الأسرار) ضمنه المنهاج الذي يسير عليه في إجراء تجاربه، فكان يبدأ بوصف المواد التي يشتغل بها ثم يصف الأدوات والآلات التي يستعملها. وبعد ذلك يصف الطريقة التي يتبعها في تحضير المركبات. وصف الرازي في كتابه هذا وغيره ما يزيد على عشرين جهازاً - منها المعدني - وصفاً حالفه فيه التوفيق على غرار ما نراه الآن في الكتب الحديثة التي تتعلق بالمختبرات والتجارب. وفوق ذلك كان يشرح كيفية تركيب الأجهزة المعقدة ويدعم شروحه بالتعليمات التفصيلية الواضحة. ولسنا بحاجة إلى القول أن هذا التنظيم الذي يتبعه الرازي هو تنظيم يقوم على أساس علمي يقرب من التنظيم الذي يسير عليه علماء هذا العصر في المختبرات. والرازي من أوائل الذين طبقوا معلوماتهم في الكيمياء على الطب، ومن الذين ينسبون الشفاء إلى إثارة تفاعل كيميائي في جسم المريض.
ويتجلى فضل الرازي على الكيمياء بصورة واضحة في تقسيمه المواد الكيميائية المعروفة في زمنه إلى أربعة أقسام أساسية وهي: المواد المعدنية، والمواد النباتية، والمواد الحيوانية، والمواد المشتقة. ثم قسم المعدنيات لكثرتها واختلاف خواصها إلى ست طوائف. ولا يخفى ما في هذا التقسيم من بحث وتجربة وهو يدل على (المام تام بخواص هذه المواد