وتفاعلاتها بعضها مع بعض. . .) واستحضر الرازي بعض الحوامض ولا تزال الطرق التي اتبعها في ذلك متبعة إلى الآن. واستخرج الكحول باستقطار مواد نشوية وسكرية مختمرة. واشتغل الرازي في حساب الكثافات النوعية للسوائل (واستعمل كذلك ميزاناً خاصاً سماه الميزان الطبيعي).
وجاء الرازي بفكرة جديدة تعارض الفلسفة القديمة الموروثة وهي (أن الجسم يحوي في ذاته مبدأ الحركة) وهي تشبه ما ذهب إليه (ليبنتز) في القرن السابع عشر. ويعلق (دي بور) على هذا فيقول: (. . . ولو أن رأي الرازي هذا وجد من يؤمن به ويتم بناءه لكان نظرية مثمرة في العلم الطبيعي. . .).
والرازي يعظم صناعة الطب وما يتصل بها من دراسات. ولعل هذا من عوامل اهتمامه بالكيمياء. وهو ما يمتاز على الأطباء الذين عاصروه والذين أتوا بعده في كونه لمس أثر النواحي النفسية في العلاج والتطبيب. فهو يرى (. . . أن مزاج الجسم تابع لأخلاق النفس) ذلك لأنللنفس الشأن الأول فيما بينها وبين البدن من صلة، فنجد أنه أوجب على طبيب الجسم أن يكون طبيباً للروح. فمن أقواله التي وردت في كتبه:(. . . على الطبيب ان يوهم مريضه بالصحة ويرجيه بها وإن لم يثق بذلك، فمزاج الجسم تابع لأخلاق النفس. . .).
وللرازي مؤلفات قيمة في الطب، ولعل كتاب الحاوي من أعظمها وأجلها. وهو يتكون من قسمين: يبحث الأول في الأقرباذين، والثاني في ملاحظات سريرية تتعلق بدراسة سير المرض مع العلاج المستعمل وتطور حالة المريض ونتيجة العلاج وقد عدد (ماكس مايرهوف) للرازي ٣٣ ملاحظة سريرية في أكثرها متاع وطرافة. وقد ترجم هذا الكتاب إلى اللاتينية واعتمد عليه كبار علماء أوربا وأخذوا عنه الشيء الكثير وبقي مرجعهم في مدارسهم وجامعاتهم إلى منتصف القرن الرابع عشر للميلاد. وله كتب أخرى جليلة دفعت بالطب خطوات إلى الأمام، منها كتاب المنصوري الذي يحوي على وصف دقيق لتشريح أعضاء الجسم كلها. وهو أول كتاب عربي وصل إلينا في هذا البحث. ترجم إلى اللاتينية وكانت له أهمية كبرى في أوربا وبقي معمولاً به عند الأطباء وفي الجامعات حتى القرن السابع عشر للميلاد. وله أيضاً كتاب في الأمراض التي تعتري جسم الإنسان وكيفية