لأشياء وحاجات، فالوجود وجود أفعال، والأفعال لا تحدث بغير اختبار، والاختيار قائم على إرادة حرة. . وبذلك ندرك خطورة الحرية في حياة الإنسان.
فالحرية على هذا النحو هي الفيصل بين وجود الإنسان وغير الإنسان؛ بل إن الحرية هي الإنسان في رأي سارتر. وإذا شئنا أن نبدأ بتحليل أولي لهذه الفكرة عنده فلا بد من الرجوع إليها في تفرقة وضعها (هيدجر) أولاً ثم توسع فيها جان بول سارتر بعد ذلك في كتابه المسمى بالوجود والعدم. ففي هذا الكتاب - وهو بمثابة الإنجيل في الوجودية المعاصرة - يذهب سارتر إلى أن هناك نوعين من الوجود: وجود الإنسان وهو الوجود لذاته، ووجود الأشياء وهو الوجود في ذاته.
والوجود لذاته - أي وجود الإنسان - هو الوحيد الذي يمتاز بين قسمي الوجود حسب تفرقة سارتر في خاصية التفريغ والانقسام على نفسه بحيث يصبر بعضه مقدماً أو معطى أو حاضراً بالنسبة إلى بعضه الآخر. فوجود الإنسان يتكون عادة من فرعين ويحدث بين هذين الفرعين نوع من الإحالة المتبادلة وشيء من التكيف الظاهر. أما الوجود في ذاته فلا يعرف الانقسام ولا يحدث فيه تجويف ولا يصيبه الفراغ. ولذلك نلاحظ أنه على الرغم من أنه كان يكون طبيعياً جداً ظهور العدم في طيات الوجود في ذاته، لا نكاد نجد له أثراً هناك ولا نكاد نعثر على شيء منه لديه، وتفسير ذلك تبعاً لنظرة سارتر خاصة أن وجود الأشياء لا يعرف الزمن أولاً ولا يدرك معنى الحرية ثانياً، أما الإنسان فهو وحده الذي يستطيع أن يحس بالحرية وأن يشعر بمدلولها ويفهم المراد منها.
وإذا تساءلنا عن السر الذي يجعل الإنسان من بين نوعي الوجود قادراً على استيعاب فكرة الحرية والتأثر بها فإننا نجده في هذه الظاهرة البسيطة والغريبة في آن معاً وهي أن الإنسان وحده من بين نوعي الوجود يحتوي على ما نسميه في الفلسفة بالعدم؛ بل عن العدم يضرب في بطن الوجود الإنساني بحيث يستفرق كيانه باجمعه، ويختلط بحياته على نحو يشعرنا بالرابطة الأصلية بين كل منهما. فالوجود بالنسبة إلى الإنسان خاصة عبارة عن إعدام كل ملامح (الوجود في ذاته) فيه، والتخلص من آثار الشيئية التي تداخل تركيبه. وعملية الإعدام هذه إنما تأتي من جانبين أو تحصل من جهتين: أولهما أن الإنسان يحاول دائماً ألا يجعل المكان الأسمى في نفسه للأشياء الجامدة التي يتركب منها ويسعى جهده من