للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

نقدية محققة يقرأها الشباب والخلف؟ إن العظماء في الأمم المتمدينة يذكرون دائماً أثناء حياتهم بما يخلد ذكرهم بين مواطنيهم، فإذا توفي أحدهم صدرت غداة وفاته الفصول والكتب المحققة، هذا عدا ما يكون قد صدر منها أثناء حياته. أما نحن فننظر إلى التاريخ المعاصر نظرة الجمود والاستخفاف، ونكتفي يوم يذهب أحد عظمائنا بأن نشيعه إلى قبره ببعض المقالات والمراثي، ثم لا يلبث أن يغمره النسيان إلى جانب أسلافه! وهكذا يتكدس أمامنا ثبت عظمائنا فلا نتلقى من سيرهم وأعمالهم إلا صوراً مشوهة، بينما نعرف الكثير عن عظماء الأمم الأخرى، لأننا نجد في سيرهم كتباً محققة ممتعة تشوق قراءتها.

ولا ريب أن معظم التبعة في ذلك الإهمال المشين ترجع إلى نوع الثقافة التاريخية الذي نتلقاه في مدارسنا؛ فهذه الثقافة ما تزال قاصرة، بعيدة عن أن تذكى الشعور الوطني في نفوس النشء. والشعور بالكرامة القوية هو أول دافع للشباب والباحثين على استقصاء سير عظماء الوطن ثم على تحقيقها وتدوينها.

هذه كلمة أخرى نرسلها على صفحات (الرسالة) لننبه على إحدى مواطن الضعف في ثقافتنا وآدابنا التاريخية؛ ولنذكر بها إخواننا الذين فكروا منذ عام في وضع تراجم وافية محققة لعظماء مصر في العصر الحديث أن يعاودوا البحث في هذا المشروع العلمي الوطني الجليل، ولعلهم موفقون هذه المرة إلى تحقيقه وإخراجه؛ فيسدون بذلك ثغرة مشينة في تاريخنا القومي ويضعون سنة حسنة في آدابنا التاريخية، ويستحقون بذلك عرفان الجيل الحاضر والأجيال القادمة.

محمد عبد الله عنان المحامي

<<  <  ج:
ص:  >  >>