منهج لدراسة أر سطو أولى منه دراسةً كاملة أو مادة وافية، وتطبيق لهذا المنهج على بعض أجزاء الكتب الأرسطية يتكون من مذهب متكامل تقريباً، والجزء القليل الذي أورده عن (الأخلاق)(ص ٢٥٥ - ٢٦٤من الطبعة الثانية) كفيل بأن يثير بعض المشاكل في نظرية الأخلاق، وأن يوجهك إلى كثير من الاعتراضات.
إلا أن مرجعك الأهم الذي يجب أن تتلمذ له وتعول عليه هو كتاب: تاريخ الفلسفة اليونانية للأستاذ يوسف كرم - فهو كتاب قيم حقاً، تعتز به المكتبة العربية في الفلسفة، لما يتميز به من الإخلاص والوضوح والدقة في الأسلوب العلمي - وأر سطو فيه على درجة من الوفاء وحسن العرض قلَّ من يظفر بهما في مرجع عربي آخر.
وفي ربط نظرية الأخلاق الأرسطية بالنظريات الحديثة الأخرى؛ ارجع إلى كتاب المدخل إلى الفلسفة للعلامة أوزفلد كيلبه الذي ترجمه الأستاذ أبو العلا عنيفي إلى العربية - ففي فصول من هذا الكتاب تجد عرضاً واضحاً ومناقشات لكثير من وجهات النظر الحديثة في هذا الباب، وفيه ذكر بعض الفلاسفة الأخلاقيين من الإنجليز والألمان والهولنديين ومذاهبهم، يجب أن تلمَّ به وتقارنه بمذهب أر سطو لتربط مذهبه بما قبله وما بعده.
ولستُ في حاجة إلى أن أوجهك لما في مقدمتي المترجمين المصري والفرنسي لكتاب أر سطو - الذي بين يديك - من فائدة، الأولى في التعريف بأر سطو وكتبه، والثانية في عرض المذاهب الأخلاقية وتاريخها وفلاسفتها - على عادة سانتهيليز في كل ما ترجم لأر سطو، فما أحسب إلا أنك قد أقبلت على قراءة التصدير والمقدمة فأتيت عليهما قبل أن تشرع في دراسة الجزء المقرر من الكتاب.
فإذا وقفت على ما أشرت به عليك من هذه القراءات، فموعدي معك في الحديث عن أر سطو ونظريته في الخير والسعادة المقالُ التالي.