أصبحت عالماً من الحب له أربعة جدران أحدها (أحبك) والثاني (أحبك) والرابع (أنا). أي طيف هذا؟ ومن التي تحبني؟ حقاً إنها قاسية. .
وفي الكلية وجدت طيفاً كأنه يحوم ليقع، على عينيه نظرات تتكسر، وفي جوهره فتنة تستيقظ، كأنني كنت معه على ميعاد، وكفكف قلبي من كبريائه، واندلعت في جوانحي الحيرة. أهي (أنا)؟! آه يا قلبي أتريد أن تعرف السر؟ إنك إن سألت الزميلة فمن يدري، لعلها تصدمك متذرعة بالعفة والاستقامة. إلى أن قال (وأنا في غمرة هذا اللج المختلط أسألك أن تشخص الداء أو تنير الطريق، أترى الورقة الدقيقة الرقيقة قد انتقمت لكبريائها حين فركتها بأناملي؟ ولي رجاء يا صديقي، إن عرضت لهذا القلب في أدبك وفنك، ألا تذكر اسم صاحبه، فإن له أسرة تحب التقاليد وإن هذا الأمر لم يعرفه - غير الله - سواي وسواك).
وأنا لن أطب لهذا الصديق الملتاع، وما أنا طبيب نفوس كما قال ولا شيء من هذا، ولعلي ألقاه قريباً فأتندر عليه. . على أني ألاحظ أن قصته تبدأ، ولا بد أن تنكشف الأمور فيما بعد. وعلى أي حال فإني أدعه الآن في هذا اللج المزيج من القلق والحيرة والألم الذي يستعذب في الهوى. . لأخلص إلى موضوع عام.
هؤلاء الطالبات في الجامعة، أمرهن محير، فلا هن سافرات ولاهن محجبات. تراهن في الصف الأول من قاعة المحاضرات وتراهن في غير أوقات الدرس منزويات ينطوي بعضهن على بعض يسئن الظن بالطلاب ويؤولن كل حركة وكل كلمة بما يتفق وسوء الظن وقد يكن على حق في بعض ذلك فإن كثيراً من الطلاب تعد حالة الاختلاط جديدة عليهم. والطالب يرى من بعيد ويخال. وتنشأ هنا وهناك أحلام ووساوس. وفي مثل هذه الظروف يتوهم الحب أو ينشأ ولكنه لا يكون دائماً ثابت الأساس لأنه لا يدوم مع التجربة والتعرف. وما زلت أنا أذكر الفتاة التي كنت أسمع عنها ولا أراها فكونت لها صورة في نفسي وأحببتها فلما رأيت الفتاة لم أجد فيها شيئاً من ملامح الصورة، فأعرضت عنها وعكفت على صورتي! ولعل أكثر حوادث الحب ما يقع على بعد، فلو انتفى البعد في مائة من الحالات فقد يثبت واحد من المائة فقط. ولو تم ذلك لفقد الأدب ثلاثة أرباع أشعار الغزل.