فأجابت السمراء تبتسم: ... الفن روحا كان؟ أم جسداً؟
يا أيها الشعراء ويحكم ... الليل ولى والنهار بدا!
هذه المزية الثانية من مزايا الملكة التخيلية هي الرمزية. . . . وما دمنا نقسم الأداء في الشعر إلى قسمين: أداء لفضي وأداء نفسي، وننسب الموسيقى في الشعر إلى نوعين: موسيقى اللفظ وموسيقى النفس، فإننا نفرق أيضاً بين لونين من الرمزية: هما الرمزية اللفظية والرمزية النفسية. وما دمنا ننكر القسم الأول من الأداء، ولا نقيم كبير وزن للنوع الأول من الموسيقى، فإننا نستهجن أيضاً ذلك اللون الأول من الرمزية. إن الفارق بين الرمزية اللفضية والرمزية النفسية هو الفارق بين الرمزية المصنوعة والرمزية المطبوعة! إننا ننشد الوضوح في الفن لأنه ركن من أركان الجمال فيه وطريق من طرق الإحساس بهذا الجمال. . . والشعر فن من الفنون الجميلة لا مراء، فإذا أخفينا هذا العنصر الفعال الذي يسلكه في عداد تلك الموضوع: إذا أخفيناه وراء ستار من التعقيد والغموض والتعمية والإبهام فقد تلاشى أول بريق أخاذ يمكن إن تتملاه العين في هذا الفن، ونعني به الجمال! نريد في شعر الأداء النفسي تلك الرمزية المطبوعة؛ الرمزية التي تلف الفكرة العامة أو الموضوع العام بوشاحها الرقيق الذي لا يحجب الضوء ولا تضيع من ورائه المعالم. . . . وكل رمزية في واقع الأمر نقاب يلقي على الوجه الجميل، ولكن هناك وجهاً يحول النقاب الكثيف بين جماله وبين العيون، ووجهاً آخر يكسبه النقاب الشفيف فوق جماله ألواناً وبين الفنون. وهكذا تجد الفارق الدقيق بين الرمزية اللفظية والرمزية النفسية!
إن الرمزية في جوهرها ما هي إلا وسيلة من وسائل التعبير تستحيل معها المدركات الحسية إلى مدركات نفسية. . . إنها الجسر الذي تعبره الألفاظ والأخيلة والمعاني لتلتقي في