من الحياة تروق القارئ أولا تروقه فهذا مرجعه إلى ذوقه ورأيه وثقافته فحسب
(٣)
يدفعني الحديث في هذا الموضوع إلى الوراء قليلاً. . . إلى العدد ٨٥٤ من الرسالة، يوم أن كتب إلي الأخ عطية قنون بدمياط يقول:(قرأت ما كتبته بعنوان (زوجة تنهار) فأكبرت بلاغة أسلوبك. . . حتى انتهيت من القراءة إلى كلمة:(يا للقصاص). فلم تعجبني خاتمة كلمتك لأن القارئ يود أن تكون نهاية الخائنة أشد وأنكى من أن تطرد إلى الشارع. كيف واجهت الشارع؟ أحرى الذئاب وراءها؟ أممازالت حية تتمرغ في الأوحال؟. . . أم ماذا صنعت وصنع؟ إن لم يكن حقيقة فخيالاً، لتكون عبرة وعظة).
وأعجب ما في هذه الكلمة قول الأديب (لأن القارئ يود. . .) والأديب عطية نفسه يعلم تماماً أنه لا يعنيني ما يود القارئ بقدر ما يعنيني أن أعرض صورة فنية صادقة من الحياة لا أتشبث فيها بخيال ولا أزور حادثة. ونسى الكاتب الأديب أنني أستوحي الحياة فحسب فقال (إن لم يكن حقيقة فخيالاً، لتكون عبرة وعظة) فهو أنكر أن في الحياة النابضة عبرة وعظة، وأنكر أيضاً - أن في الشارع عقاباً صارماً قاسياً هو أشد وأنكى ما تنمى به فتاة كانت تعيش - يوماً ما - في كنف الزوج آمنة مطمئنة. لا يا سيدي الكاتب، أنا لا أوافقك في الرأي، وستجدني - إن شاء الله - على حق.