قال فيه (قد أطلعت على مقالك المعنون بحماقة أب في العدد ٨٥٨ من الرسالة. . . ولما انتهيت إلى قولك: (والآن ماذا يختلج في فؤادك الخ) لم ترقني خاتمته على هذا النحو؛ لأن القارئ يميل على أن يعرف نهاية القصة بأسلوب ترتاح إليه نفسه ويطمئن قلبه وتسكن عنده خلجاته، وأنت قد أبهمت مصير حياة الرجل فلم نعرف. أتخاذل أمام الحزن نهلك.) إلى آخر ما جاء في عبارته.
لا عجب - يا سيدي الأديب إن أنا ختمت قصة من الحياة بأسلوب لم يطمئن له قلبك ولم تسكن عنده خلجات نفسك، فما أنا سوى مصور يصور لوحة من الطبيعة جذبت قلبه بروعتها، وسيطرت على لبه برونقها؛ فرسمها بريشته؛ ونثر الألوان على نسق ارتضاه فنه، ووزع الظلال على طريقة اطمأن لها خياله ولكنه رسم لوحه من الطبيعة. أو أنا قاص ينشر حادثة من الحياة انفعلت لها نفسه وتأججت لها عاطفته واضطربت مشاعره، فسكبها على القرطاس في أسلوب رضي عن قوة سبكه فيه الحياة والحركة؛ ولكنه قص حادثة من الحياة. والقصة في الحياة حلقة من سلسلة الحوادث لها ما قبلها ولها ما بعدها. فما كان لي أن أرسم حدوداً ضيقة للصورة التي أكتب فتبدو في رأى العين محدودة مبتورة، وتبدو في رأى العقل في منأى عن الحياة والحركة
وإن أنا نزلت عند رأي القارئ العزيز، اضطر قلمي أن يخلق نهاية القصة بخيال يصبغها بصبغة شوهاء مصنوعة لا يستسيغها عقل ولا يقبلها رأي، وأرغمت نفسي على حوادث ملفقة لا تنبض بالحياة ولا تخفق بالحركة؛ على حين أنني أصور أناساً يعيشون بيننا وما تزال أشباحهم تتدافع على مسح الحياة لم يبلغوا النهاية بعد وهكذا يريد القارئ أن يدفعني إلى أن أفكر بعقل رجل كيوسف وهبي يوم أن كان هو الممثل الأول في مصر يوم أن كان يريح النظارة من عناء التفكير في نهاية القصة فيقذف بأبطاله جميعاً إلى النهاية المحتومة، فيقتل البعض، ويلقي بالبعض في اليم، ويقذف بالبعض في نار يضطرم أوارها. هذا نمط من القصة عفت على آثاره معالم القصة الحديثة التي تتطلب من الكاتب أن يشرك القارئ في حوادث القصة ليشعر بأنه يؤلف بعض فصول الرواية.
لقد سأل الكاتب الأديب - في كلمته القصيرة - تسعة أسئلة أثلجت جميعاً صدري، لأنني أيقنت بأن القارئ يشاركني الخاطرة ويحاورني الرأي، وهذا هو ما يهمني. أما أن حادثة