فأنت قدرت على الشقاء ... من حيث قدرت على النعيم
وما أرى! هل في غد لي ثواء ... بالخلد أم مثواي نار الجحيم؟
ما أثمت الروحي ولا أجرمت ... ولا طغى جسمي ولا استهترا
عناصر الروح بما ألهمت ... أوحت إلى الجسم فما قصرا!
كلاهما لم يعد تصويره ... ما كان إلا مثلماً كونا
كم حاولا بالأمس تغييره ... فاستكبر الطبع وما أذعنا
أمنذري أنت بيوم الحساب ... ولائمي أنت على ما جرى؟
حماك: ما يرضيك هذا العذاب ... لطيع لم يعص ما قدرا!!
ما كنت إلا مثلماً ركبت ... غرائزي، ما شئت لا ما أشاء
فلتجزها اليوم بما قدمت ... وإن تكن مما جنته براء!
وفيم تجزي، وهي لم تأثم ... ألست أنت الصائغ الطابعا؟
ألم تسمها قبل بالميسم ... ألم تصغ قالبها الرائعا؟
ألم تضعها عنصراً عنصراً ... من أين؟ ما علمي؟ وأنت العليم!
جبلتها يوم جبلت الثرى ... من عالم الذر ودنيا السديم
الخير والشر بها توأمان ... والحب والشهوة في طبعها
حواء والشيطان لا يبرحان ... يساقطان السحر في سمعها!
تشككت نفسي بما تنتهي ... إليه دنياها وماذا يكون!
مضت فما آبت بما تشتهي ... من حيرة الفكر وهجس الظنون!
أيصبح الإنسان هذا الرميم ... والجيفة الملقاة نهب التراب؟
أيستحيل الكون هذا الهشيم ... والظلمة الجاثم فيها الخراب
لمن إذن تبدع تلك العقول ... أفي الردى تدرك ما فاتها؟؟
أم في غد تثوي بتلك الطلول ... ويسحق الدهر يواقيتها؟؟
وا أسفاً للعالم البائد ... ليس له مما يرى مهرب
على رنين المنجل الحاصد ... مضى يغني وهو لا يطرب!
وروع الشاعر مما رآه ... وهام في الأرض على وجهه