أين ترى يا أرض يلقي عصاه ... وأي واد ضل في تيهه؟
حتى إذا شارف ظل الشجر ... في روضة غناء ريا الأديم
قد ضحكت للنور فبها الزهر ... وصفقت أوراقها للنسيم
اختار في الظل له مقعداً ... في ربوة فاتنة ساحره
أذاب فيها الشفق المسجدا ... وناسمتها النفحة العاطره
بينا يملي العين من سحرها ... إذ أبصر الصل بها مطرقا
قد انتحى الأطيار في وكرها ... فسامها من نابه موبقا
هل سمعت أذناك قصف الرعود ... في صخب البحر وعصف الرياح
هل أبصرت عيناك ركض الجنود ... في فزع الموت وهول الكفاح
إن كنت لم تبصر ولم تسمع ... فقف إلى ميدانها الأعظم
ما بين ميلادك والمصرع ... ما بين نابي ذلك الأرقم!!
جريمة الغدر وسفك الدم ... جريمة لم يخل منها مكان
يا لجة كل إليها ظمي ... قد جاز طوفانك شم القنان!
من علم الوحش الأذى والقتال ... من بث فيه الشر أو ألهمه.
من علم الثعبان هذا الختال ... والحيوان الغدر من علمه؟
أيستحق الناس هذا العقاب ... أم حانت الساعة من نقمتك؟
ما احتملوا يا رب هذا العذاب ... إلا رجاء الغوث من رحمتك!
أما ترى منفرجات الشفاه ... عن آخر الصيحات من رعبها؟
ما زال فيها من معاني الحياة ... إيماءة الشكوى إلى ربها!
وهذه الأعين نهب العفاء ... في رقدة الموت كأن لم تنم
محدقات في نواحي السماء ... تشهدها هذا الأسى والألم!!
وهذه الأيدي تحوط الصدور ... كأنها في موقف للصلاة
لم تنس في نزع الحياة الغرور ... ضراعة ترسمها للإله!
ما عرفوا في صعقات الردى ... إلاك من غوث ومن منجد
ولا سرى في الأرض منهم صدى ... إلا ودوى باسمك الأمجد!