هذه اللافتات الفكرية ونظائرها مما تحفل به قصيدة (الله والشاعر) يعرض لها الدكتور طه حسين بك في الجزء الثالث من (حديث الأربعاء) حيث (يقول: فأما معرفتي لشاعرنا المهندس قد أرضتني فلأن شخصيته الفنية محببة إلى حقاً، فيها الروح وعذوبة النفس، وفيها هذه الحيرة العميقة، الطويلة العريضة التي لا حد لها، كأنها محيط لم يوجد على الأرض. . . ولقد صحبت الملاح التائه في قصيدة (الله والشاعر) فأحسست كل هذا الذي صورته لك آنفاً، ورأيت رجلا لا هو بالشك المطمئن إلى الشك، ولا هو بالمستيقن المطمئن إلى اليقين، ولا هو بالمنكر المستريح إلى الإنكار، وإنما هو رجل مضطرب حقاً، مضطرب أشد الاضطراب يؤمن بالقضاء والقدر، ثم يثور بالقضاء والقدر، يرضى أحكام الله ثم يجادل فيها، يشكو ثم يستسلم، ويستسلم ثم يشكو، رجل حائر دائر هائم لا يستطيع أن يستقر. وأكبر الظن أنه لو استقر لكان أشقى الناس؛ فهو سعيد بحيرته، مغتبط بهيامه؛ مبتهج بهذا التيه الذي دفعته إليه نفس طموح جدا لأنها نفس شاعر، عاجزة جداً لأنها نفس إنسان)!
فقرات من نقد طوي كتبه الدكتور عن الشاعر، أما بقية هذا النقد فسنضعه تحت المجهر في فصل مقبل من فصوب هذه الدراسة