وأخيراً دعي إلى أنقرة وعين رئيساً للجنة الترجمة والنشر في وزارة المعارف. وقد شغل هذه الوظيفة إلى أن وافته المنية سنة ١٩٢٤م.
لقد جمع هذا المفكر العظيم بين الأدب والفلسفة فصدرت عنه أفكار أظهر فيها تمسكه الشديد بمبادئ الدين الإسلامي الحنيف إلى جانب اعتزازه القوي بأسس القومية التي هذبها وأحسن وضعها. فإنه كان قومياً غير متعصب، يدعو إلى القومية الإنسانية بكل معنى الكلمة. فلم يكن لينظر إلى غير قومه نظرة استخفاف أو استحقار، ولا ليمس كرامة قوم من الأقوام. ولم يكن كذلك يفاخر بأمجاد قومه مفاخرة الجاهلين المتعصبين، وإنما أراد أن يعظم محاسن قومه ويهذب عقول القوميين المتحمسين لما لا ينفع، ويصقل أذهانهم وينور أفكارهم؛ فبذل جهوداً جبارة في تخطي العقبات التي تقف أمام المجتمع في تفهم معنى القومية، وسعى كثيراً إلى إبعاد المساوئ المحيطة بعقلية القومي والمضعفة للناحية الخلقية له.
فنراه يلبس القومية ثوباً آخر غير الذي ألفنا حتى اليوم فيتخذ من القومية وسيلة يتذرع بها الإنسان للوصول إلى أرقى درجات الحياة الاجتماعية وتترقب كل أمة أن تبلغ مثلها العليا التي رسمتها لها أفرادها في ظل القومية وتحت راية الدين.
وقد نظم هذا الأديب قصائد رنانة، وعقد فصولا طويلة وبحوثاً كثيرة سلك فيها مسلك المسلم في دينه والتركي في لغته وأدبه. ومن تلك المنظومات (توحيد)، (الهي)، (اذأن الترك) و (دعاء الجند وعقائده). . الخ وهي تنم على مبادئ إسلامية وتركية مشتركة.
ويحدثنا الأستاذ نهاد سامي (في كتابه تاريخ الأدب التركي السالف الذكر) أن كوك آلب نظم قصة تسمى (يولوان ولي) قصد بها إلى أن الشخص المتمسك بمبادئ دينه والمتشبع بفكرة حب القوم يكون قادراً على مسايرة أموره وتمشية أعماله ومصالحه الاجتماعية على خير ما يرام، إذ يكون ذا قوة كبيرة وصاحب قدرة خارقة يبدو فيها الإعجاز في كل لحظة بأبهى مظاهره، ويتجلى فيها السحر والبيان بأبدع صورته.
ولم يكن كوك آلب يوماً ليوقن بالقومية ما لم تكن قائمة على أساس ديني قويم إذ أنه لا يمكن في الواقع تجريد القومية عن مبادئ الدين مطلقاً. فالقومي في نظره هو من كان دينه مؤمناً واتخذ من لغة قومه وسيلة للتفاهم فاليهود عنده مثلا، وإن سكنوا في تركيا سنين