أحضان قومه، لأنه تربى وترعرع بين أناس يعطفون عليه فيميل إليهم أكثر من غيرهم. وعليه فإن من العسير جداً أن يغير الإنسان قوميته ويبدل أسلوب حياته لأنه، كما قلنا، يعيش متحسراً على حياته الماضية التي قضاها سعيداً بين أفراده، فيبتلى بما يسمى بداء الصلة!. (ضياء كوك آلب: أسس القومية التركية ص ١٥ - ١٩).
وبعد أن يناقش هذه النظريات نقاشاً دقيقاً ويرد عليها نراه يوضح لنا وجهة نظره الخاصة في تحديد معنى القومية فيستخلص المراد منها بأنها عبارة عن سمو الشعب ورقيه. والشعب في نظره ليس بمجموعة تربط أفرادها أواصر الجنسية، ولا هيئة سياسية أو جغرافية أو إدارية، وإنما هي مجموعة من الأفراد تجمع بينهم روابط الدين واللغة والأدب والأخلاق المشتركة، وبتعبير آخر اتحاد أفراد تلك الهيئة في الحضارة الواحدة - فالقومي كما يقول القروي - هو من ينطق بلساني ويدين بديني ويعني به اتحاد القوميين في اللغة والدين.
وقد وضع هذا المفكر الكبير مبادئ القومية الصحيحة في كتابه السالف الذكر مقسما إياها إلى روابط اللغة والدين والأدب والأخلاق والحقوق والاقتصاد والسياسة والفلسفة ومن ثم شرح هذه الفروع الأساسية شرحاً وافياً وقال في مبحث (الرابطة الدينية) إن التركي ورث عن ماضيه خزان جد ثمينة من مواريث الدين والأخلاق ينبغي علينا - نحن الترك. . أن نأخذها بنظر الاعتبار في سلوكنا في سبيل الرقي والحضارة. فيكفينا اليوم الرجوع إلى ماضينا لنتخذ من تراث أسلافنا مدينة عالمية عظيمة نبني عليها كيان قومنا، كما يجب ألا ننسى نصيبان من النهضة الأوربية الحديثة بخلاف الأمم غير الإسلامية، فإنها عند اتباعها المدنية في الوقت الحاضر عليها أن تبتعد عن ماضيها. . . (وللإيضاح راجع كتابه السابق الذكر).
وخلاصة الفلسفة التي يرمي إليها كوك آلب يرتكز على جعل تركيا مكونة من شعب تركي ينهض بآدابه وأخلاقه وتراث أجداده ويتمسك بالعقائد الإسلامية الصحيحة والمبادئ الدينية السليمة، كما يأخذ قسطاً وافراً من المدينة الأوربية الحاضرة.