بيد أن هذا الزعم فاسد أيضاً فإن في سويسره مثلا تسكن شعوب ثلاثة وهي الشعب الألماني والفرنسي والإيطالي، وفي إيران يسكن الفرس والترك والكرد؛ وليس من المعقول أن نعتبر هذه العناصر المختلفة قوماً واحداً ونطلق عليهم لفظة (الشعب) وذلك لاختلاف ألسنتهم. هذا ومن الصعوبة بمكان أن نعتبر أفراد الشعب الواحد - فيما لو كانوا يعيشون في مواطن متعدد منتمين إلى شعوب مختلفة. وبتعبير أدق لو جاز لنا أن نجزئ أسرة واحدة إلى جماعات (بسبب كون أفرادها يعيشون في بلاد معينة فإنه لا يصح أن نعتبر كل جماعة من هذه الجماعات شعباً يحمل اسم القطر الذي يعيش فيه.
(٤) النظرية الإسلامية: وهي تقول ان الشعب عبارة عن جماعة من الأفراد تجمعهم كلمة (الإسلام). والواقع أن هذه اللفظة تطلق على (الأمة) لا على الشعب، ذلك أن المسلمين في أرجاء العالم باعتبارهم وحدة قائمة يشكلون الأمة الإسلامية. والجماعة التي تتميز بلغتها الواحدة وحضارتها المشتركة لا يمكن أن تعد أمة وإنما تعتبر شعباً يتجلى فيه معنى القومية. فيقول التركي مثلاً إنني من الأمة الإسلامية وانتمي إلى الشعب التركي.
(٥) ويذهب البعض الآخر في تفسير القومية مذهباً فردياً فيقرون لكل فرد حق الانتساب إلى أي شعب من الشعوب حسب مشيئته. فله حق اختيار الشعب الذي يرى من الأوفق أن يحيا في ظله دون أن يمنعه من ذلك أحد.
غير أن مثل هذه الحرية المطلقة من الصعوبة أن نتلمسه عند فرد من الأفراد لأن النفس البشرية لا نأتلف إلا إذا اتحدت فيما تشعر وتحس بحب واحد ورغبة مشتركة. ويعتقد علماء النفس في الوقت الحاضر أن حياتنا الحسية هي الأصل وأن حياتنا الفكرية مرتبطة بها فهي إذا حياة تبعية. وبناء على ذلك يجب أن تكون الأفكار مع الشعور على خير وفاق.
فإذا لم ترتبط أفكار الإنسان بحواسه فإن مثل هذا الشخص يصاب غالباً بمرض نفساني يجعله شقياً في الحياة ما دام يعيش بعيداً عن بني قومه. ومثل ذلك الشخص كمثل شاب يقوم بالعبادات البدنية بصورة حسية دون أن تكون أفكاره متصلة بالمبادئ الدينية فهو لذلك لا يكون قادراً على موازنة نفسه.
وخلافاً لذلك فإن شقاء الإنسان ينقلب إلى هنا ورفاء فيسعد ذلك الشقي فيما لو عاش في