ألهي بني تغلب عن كل مكرمة ... قصيدة قالها عمرو بن كلثوم
يفاخرون بها مذ كان أولهم ... يا للرجال لفخر غير مسؤوم
وأما مجمهرة أمية فقد تحدث فيها الشاعر عن مجد قبيلته (ثقيف) وهي من أمهات القبائل العربية وصاحبة نفوذ والسلطان في الطائف بين قبائلها، ولم يبدأها بوصف الخمر كما فعل عمرو بن كلثوم بل بدأها كما يبدأ الشعراء قصائدهم فذكر أطلال محبوبته (زينب) وعفاءها ولعب الرياح المعصرات بها، ثم انتقل إلى موضوع القصيدة نفسها وهو الفخر بمجد القبيلة وشرف الآباء فقال فيما قال:
ورثنا المجد عن كبرى نزار ... فأورثنا مآثرنا البنينا
وكنا حينما علمت معد ... أقمنا حيث ساروا هاربينا
وتخبرك القبائل من معد ... إذا عدوا سعاية أولينا
يأنا النازلون بكل ثغر ... وأنا الضاربون إذا لقينا
إلى آخر ما ذ كره من الفخر بأسرته وقومه ومجدهم ومنابتهم وما أرصدوه لريب الدهر من الخيل والرماح والسيوف والشيب المجربين والشبان والأقوياء، ووراثهم للمجد عن كبرى نزار إلى غير ذلك من مظاهر الكبرياء والعزة والسيدة التي أضافتها أمية إلى قومه، ولا ندري شيئاً عن التاريخ الأدبي للقصيدة وان كنا نرجح أن الشاعر نظمها في مفاخرة من هذه المفاخرات التي تحدث كثيراً بين القبائل العربية وخاصة في العصر الجاهلي:
٣ - تتفق القصيدتان في الموضوع والوزن والقافية، وفي خاليهما الغني الغالب على القصيدتين وتتفقان كذلك في هذه المبالغة الواضحة في الفخر، مما لا يؤثر نظيرها من المبالغات في معاني الشعر الجاهلي إلا قليلا.
كما تتشابهان في هذه السهولة الفنية الغالبة على القصيدتين وخاصة عندما ينتقل الشاعر إلى الغرض الأصلي من قصيدتيهما وهو الفخر. وليست هذه السهولة الفنية بغريبة على الشاعرين، فارتجال عمرو لقصيدته ومواقف الفخر فيها مما يقتضي السهولة، ونشأة أمية في الطائف ذات الخصب والزروع والثمار والهواء المعتدل والجو الجميل وتنقله في رحلاته التجارة بين الشام واليمن وثقافته العامة وقراءته في الكتب السماوية، كل ذلك رقق من طبعه وهذب من أسلوبه وأكسبه مواهب فنية ممتازة وصقل من ملكاته الأدبية فظهر