وتتفق القصيدتان فوق ذلك في كثير من معاني الشعر وأساليب الفخر؛ ومن مظهر ذلك الاتفاق هذه المعاني والأساليب والأبيات:
أ - قال عمرو:
ورثنا المجد قد علمت معد ... نطاعن دونه حتى يبينا
أي حتى يظهر الشرف لنا. وقال:
ورثنا مجد علقمة بن سيف.
وقال وهو يتحدث عن الخيول الكريمة التي يخوض قومه عليها المعارك:
ورثناهنَّ عن آباء صدق ... ونورثها إذا متنا بنينا
فقال أمية:
ورثنا المجد عن كبرى نزار ... فأورثنا مآثرنا البنينا
ونستطيع أن نوازن بين البيتين الأخيرين إذا علمنا أن وراثه المجد في بيت أمية أبلغ في الفخر من وراثة الخيل في بيت عمرو، وإن كانت وراثة الخيل من أسباب المجد لأن الخيل وركوبها واتخاذها عتاداً دليل الشجاعة والبطولة وحب النضال، وقول أمية (فأورثنا مآثرنا البنينا) أبلغ من قول عمرو: (ونورثها إذا متنا بنينا) لأن أمية ذكر أن أبناءهم ورنوا مجد الآباء في حياتهم، أما عمرو فذكر أن الأبناء سيرثون هذه الخيول بعد وفاة آبائهم، فلم يسند إليهم الشجاعة والبطولة وحماية الذمار في حياة الآباء، وهذا قصور في الفخر. وقال أمية (البنينا) وقال عمرو: (بنينا) فشهرهم أمية وأبان عن وضوحهم، وقال عمرو:(آباء صدق) فدل على شجاعتهم أو وضوح نسبهم وطهارة أعراقهم، وهي زيادة لا نظير لها في قول أمية.
وقد أخذ أمية لفظ (قد علمت معد) من قول عمرو فقال:
وكنا حيثما علمت معد ... أقمنا حيث ساروا هاربينا
ب - ويقول عمرو:(وأنا المهلكون إذا ابتلينا) أي نهلك أعداءنا ونبيدهم إذا اختبرنا بقتال الأعداء، فيقول أمية:(وأنا الضاربون إذا لقينا) فتجد قول عمرو أبلغ حيث نصَّ على إهلاك الأعداء ولم يذكر أمية إلا الضرب، وإن كان يكنى به عن الشجاعة والإقدام