بجانب فتاة في رداء أسود منحنياً نحوها وهو يبتسم ويحرك كتفه في رشاقة، ولا بد أنه كان يتحدث إليها في تفاهة مسلية لاشك فإن الفتاة الجميلة كانت تنظر إلى وجهه المستدير وتجيب دائماً (حقيقة!؟) وبدأ بعضهم يدق على البيانو وكانوا في مايو والجو جميل ومنظر أشجار الخور والورد وأزهار البنفسج يبدو رائعا.
ودعا فون رابك فتاة طويلة نحيلة على الرقص ودار دورتين أو ثلاثا في الحجرة فبدأ الرقص وتقدم لوبنكو على الفتاة ذات الثوب البنفسجي وقادها خلال الغرفة. ووقف ريابوفتش بجانب الباب مع الرجال الذين لا يرقصون، يراقب، فجاء فون رابك الابن ودعا اثنين من الواقفين إلى لعب البلياردو، ويتبعه بعض الضباط ولما كان ريابوفتش بحاجة إلى شيء يعمله وكان يرغب أن يشترك بأي طريقة في المهرج العام فقد ذهب ورائهم. ومروا من حجرة إلى أخرى إلى أن دخلوا في النهاية قاعة البلياردو وبدأ اللعب ووقف ريابوفتش يراقب اللعب وأنه لم يلعب في حياته كما لم يرقص، ولم يعره اللاعبون اهتماماً، فقط عند ما يصطدم به أحدهم يقول له بأدب (معذرة) ولما انتهت الجولة الأولى بدا له بقاؤه غير مرغوب فيه فغادر القاعة.
وفي منتصف الطريق في عودته لاحظ أنه ضل السبيل فقد وجد نفسه في غرفة معتمة لا يذكر أنه مر بها في قدومه فمضى عائداً ثم انحرف إلى اليمين وفتح أول باب صادفه فوجد نفسه في غرفة مظلمة وإن كان يبدو من خلال بابها حجرة أخرى وضئية وكانت النافذة مفتوحة تطل منها أفرع أشجار الحور ويفوح فيها عبق الورد والبنفسج، ووقف رباموفتش مرتبكا وفي هذه اللحظة سمع وقع أقدام تقترب بسرعة ثم حفيف ثوب وصوت امرأة ينبض بالعاطفة فهمس (أخيراً) ثم أحس بذراعين بيضتين جميلتين تحيطان عنقه، ووجنة دافئة على خده ثم صوت قبلة، لكن في الحال صرخت المرأة صرخة مكتومة وبدت لريانوفتش أنها فزعت ولقد أوشك هو أن يصيح لكنه مضى مسرعاً ولما عاد إلى قاعة الجلوس كان قلبه يدق بسرعة ويداه ترتجفان حتى أنه أخفاهما وراء ظهره وتملكه أول الأمر شعور بالخجل والعار وبدا له أن كل واحد في الحجرة لابد يعلم أن امرأة قبلته وعانقته منذ لحظة ونظر حوله لكن لم يجد أحداً يلتفت إليه وكان كل من حوله يرقص ويغني؛ لذا لذ له أن يستعرض ما مر به، كان عنقه الذي أحاطت به الذراعين الناعمتين