وحطمت كل قوة من أعصابي، وتركت في نفسي رماداً وهشيماً. .
ورأيتني أتسلل كاللص إلى غرفتي. . وبين جوانحي تعول الزوابع!
وفي وحدتي كانت الطيوف سماري. . . وكانت صورتها دنياي التي ضللت في دروبها. . . وساورتني شتى الأفكار، وبقيت معذباً بحمى وجدي المخنوق. . . وقد سمعت في أعماق وجداني تلك الكلمة الساحرة ترن: أحبها. . أحبها. . أحبها. . نعم. . أحبها. . ولك الحرية في أن تنزلني منازل المجانين. . . فأنا أريد أن أخلع رداء التستر وأوجه شمس الحقيقة. . . فقد ضقت من دنيا الطلاء والخداع!
ستسخر مني وتقول: أهذا ممكن؟. . فتاة في الرابعة عشرة من عمرها تستحوذ على عقل رجل،، وتعبث فيه؟ رجل كان يحتقر الدنيا، ويأنف من صغائر الأمور، ولا يفكر إلا بعظائم الأشياء!
أما أنا فأجيبك أن حياتي الماضية بدت لي سخيفة، وكل تصرفاتي وأفكاري ليس فيها شيء من الحكمة والتعقل!. . جاءتني مرة وهي تقول: إن أمي ذهبت إلى أختها!!
فنظرت إليها وكنت أقرأ كتاباً، فأطبقت وغرقت في صمت أليم!
قالت: - ماذا تقرأ؟
قلت: - قصة مغامر فاشل يتردى في كل مغامرة من مغامراته في هوة عميقة. . .
قالت: - إذن - لماذا يغامر؟
- لست أدري. . ولكن الذي أحسه أن الحياة كانت تدفعه دفعاً إلى المغامرة. . . ثم تتألب عليه الأقدار في النهاية وتجره إلى الفشل الذريع!
- هذا داء عياء!
- أما أنا - شخصياً - فأعرف لدائه شفاء. . وهو أن يتاح له النجاح في مغامرة من مغامراته!. . فيرضخ إلى حكم الحياة بعد ما يصيبه الكسل. . ولكن هل يكتب له النجاح؟! لست أدري فالقوة التي تصوغ هيكل حياتنا لا تطلعنا على أسرارها ولا تمنحنا شيئاً من الحرية!. . صدقتي كلنا مغامر في ميدان الحياة. . ولكن نتائج مغامراتنا تختلف وتتعدد.