مجهود لشاب صغير السن فحسب. بل هي كذلك أول مجهود من نوعه في أدب فني، فيجب أن ينظر إليها مع هذا الاعتبار، والواقع أن ما في القصة من تفاصيل تستوجب النقد، يقل شأنه، إذا قارناه بتلك الحقيقة وهي أن هناك مجهودا بذل، وأن تلك القصة تعتبر شيئاً جديداً من نوعه أضيف إلى الأدب العربي.
ويعد بناء هذه القصة ممتعا من الناحيتين الوصفية (والسيكلوجية) وواضح أن القصة إنما قصد بها انتقاد تلك الروح الرجعية التي ما زالت تسيطر على طبقة خاصة من الناس على الرغم من التقدم الحديث، على أن نجاحها في هذا السبيل لم يكن تاما، إذ أن الشخصيات نفسها لم تركب بدرجة كافية، اللهم إلا شخصية حامد، وهي بلا شك تمثل إلى حد كبير شخصية المؤلف نفسه. كذلك نلاحظ أن تصوير الأشخاص والحوادث بطريقة (درامية) جاء ضعيفا بالجملة.
وكانت النتيجة أن تعليقات المؤلف (السيكلوجية) كانت تأتي على لسانه هو بطريقة أقرب إلى طريقة الكتب المدرسية مع استعمال ضمير المتكلمين الجمع. ويظهر تدخل المؤلف بشكل أوضح في مواضع الوصف. ولقد ذكر هيكل بك في مقدمة الطبعة الثانية الظروف التي وضع فيها كتابه، وذلك حين كان يطلب العلم في باريس وجد به الحنين إلى وطنه، فجعل يتمثل في ذهنه جميع مظاهر الحياة القروية، ومجالي الطبيعة في مصر، ويظهر أثر ذلك في كل صفحة من صفحات الكتاب تقريبا، في قطع وصفية مسهبة للمناظر الطبيعية، كالشمس والقمر والنجوم والمحاصيل والجداول والبرك. . . الخ، ولقد يرتفع أسلوبه في ذلك إلى درجة عظيمة من الفخامة والروعة الموسيقية، ولكن طول الوصف مما يسبب السآمة وتشتيت الذهن. ففي كل حادثة وفي كل منظر وصف وتعليق، مما جعل القصة في بعض المواضع تسير متعثرة. أضف إلى هذا أن الكاتب كان يعمد أحيانا إلى قصص استطرادية تافهة، لا تمت بصلة قوية إلى القصة الأصلية، لا لغرض سوى أن يستطيع بواسطتها أن يضيف بعض الفقرات الوصفية، ثم بين الفينة والفينة تظهر بعض جمل مثقلة بالوصف الى درجة تفقد معها مبناها ومادتها.
ولكن يجب ألا ننسى أن هذه الفقرات الوصفية تحمل من المعاني إلى ذهن القارئ المصري أكثر مما تحمل إلى غيره، وإن تأثيرها الفني في نفسه، يعد أحد الأسباب الرئيسية التي