أما ما حوته من المباحث الاجتماعية، فكان أكثر تمشيا مع الخطة، إذ كان من المحتم أن يتلمس المؤلف أسباب المساوئ التي ذكرها وأسباب المأساة النهائية، وأن يرجع ذلك إلى أصله في العادات الاجتماعية. ويغلب على القصة من أولها إلى آخرها التعرض لنقد المساوئ التي أنتجها التمسك بالعادات البالية، ولكن النقد الاجتماعي لم يحشر بالطريقة التي حشرت بها الفقرات الوصفية (والسيكلوجية) ويرجع ذلك إلى أن المؤلف قد أجراه على لسان حامد، وهو شاب متعلم متأثر بأفكار قاسم أمين وغيره من المصلحين الاجتماعيين، على أن المؤلف كان يلجأ هنا أيضاً في بعض الأحيان إلى اصطلاحات الكتب المدرسية.
وكان تنظيم الأسرة وتحرير المرأة هما المحور الذي تدور عليه انتقادات المؤلف الاجتماعية، أضف إلى ذلك بعض مظاهر الحياة الاجتماعية في مصر، كبعض الحرف البعيدة كل البعد عن حقائق الحياة، مثل حرفة طبيب القرية (الحكيم البلدي) ومشايخ الطرق الذين يتجرون بتضليل العامة وغير ذلك.
أما شعور المؤلف القومي، فكان مضمراً أكثر منه صريحا وإن كان قد أظهره في بعض المواضيع، وبخاصة عند إشارته إلى حقارة الخدمة العسكرية، تحت سيطرة الأجنبي.
أما أسلوب القصة فقد سار الكاتب فيه على الأسلوب الأدبي الحديث مع تهذيبه في أغلب الأحيان في اللفظ والتركيب، ويلاحظ فيه من جهة أثر الاصطلاحات العامية الخاصة بدلتا مصر، ويتضح ذلك في اقتضاب بعض الجمل، وفي طريقة الانتقال وغيرها، كما يلاحظ فيه من جهة أخرى أثر الفرنسية، ويظهر ذلك في طول الجمل والتوائها مع كثرة الجمل الفرعية والمعترضة التي تدخل على الجملة الرئيسية، مثال ذلك الجملة التي تبتدئ بالفقرة الآتية (ومن الظلام روافه) صفحة ٣٧ من الطبعة الأولى و٣٤ في الطبعة الثانية وكذلك الجملة التي تبتدئ بقوله: ولم تكن إلا لحظات. . . ص ٨٩ في الطبعة الأولى و ٧٠ في الثانية.
أما ما يتعلق بتلك المشكلة الصعبة، مشكلة أسلوب الحوار فقد لجأ هيكل بك في شجاعة إلى استعمال اللغة العامية إذا كان الحوار بين الفلاحين، أما إذا كان بين الطبقات المتعلمة فيتركهم يتكلمون اللغة الفصحى.