للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بعضها، بينما يعرض عن ذكر مطالع البعض الآخر.! ويكفي أن يذكر أن قصيدة عمرو هي إحدى المعلقات حتى يعرف المعلقات - وكأنها شيء غريب لم يسمع به أو كأنها جديدة على قراء (الرسالة). . .! ويذكر سبب اختيارها، ولكنه لا يمضي فيذكر سبب تسميتها لتتم بذلك معرفة القراء. . .!

وأما التكرار فكثير، لفظاً ومعنى، فهو يكرر كلمة (الفنية) أيضاً. .! وكأنه بالتزامها يضفي على الموازنة شيئاً من سمات البحث العميق وهو يكرر حين يتكلم عن المعلقة، فهو يصفها بأنها (ملحمة تاريخية تصور المجد القديم لتغلب قبيلة الشاعر) وبعد قليل (فهي جديرة حقاً أن تسمى ملحمة فهي تاريخ مفصل لقبيلة عمرو ومفاخرها) وبعد قليل (عدتها تغلب كل مجدها وفخارها) ثم (ملحمة تاريخية نادرة) وأحياناً يقرر، وعندما يكرر ينتابه بعض الشك فيما يقرر. مثال ذلك قوله (وتمتاز (معلقة عمرو) بأنها الأصل الذي نسج على منواله أمية) ثم يكرر وكأنه يستنتج (وتستطيع أن نقول إن أمية قلد في مجمهرته عمرو بن كلثوم تقليداً فنياً واضحاً) ويستطرد في التكرار (وصاغ قصيدته على موسيقى وقافية عمرو)

ونرى في الموازنة بين المجمهرات تناقضاً واضطراباً فهو يقول (وهذه القصائد السبع (يعني المجمهرات) لم توضع في مرتبة واحدة لاتفاق موضوعاتها (ويقول بعد ذلك مباشرة (إذ أن موضوعاتها مختلفة). . .! ثم يقول (فهي إذن إنما وضعت في منزلة أدبية واحدة. . .)! ثم يدلل على اتفاق موضوعاتها بقوله (إذا يشبه بعضها بعضا في النواحي الفنية والفطرة الأدبية وفي خصائص الشعر والشاعرية. . .).

ويخالف حضرة الكاتب الدكتور طه في رأيه القائل بوضع القصيدة ويرد على سهولتها بقوله أنه (أي عمرو) ارتجل بعضها. وقد يبدو هذا مقبولاً ولكن كيف نعلل سهولة غير المرتجل منها؟ هنا يتغنى الأستاذ به (نشأة عمرو في الطائف ذات الخصب والزروع والثمار والهواء المعتدل والجو الجميل. . .). .! ناسياً أن هذا ليس كل شيء، بل إن هناك شعراء عاشوا في مثل البيئة التي نشأ وعاش فيها عمرو، بل في بيئات أفضل وأغنى وأخضب ومع ذلك لم يجئ شعرهم في سهولة المعلقة بل كان يكتنفه أحياناً تعقيد وغموض وخشونة، ودليل ذلك عند المتنبي، وعند (البارودي) فبالرغم من أن الأخير عاش في العصر الحديث فإن شعره لم يكن يفرقه عن شعر الجاهليين فارق كبير.

<<  <  ج:
ص:  >  >>