للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

قصد الشارع قدر الجهد والاستطاعة). وسترونه مخلصاً لهذه الخطة التي رسمها، أميناً على أن يجعل من نفسه الفيلسوف الذي يتصدى لأخص مسائل الدين دون أن يتعارض معه؛ حتى ليأخذ في كثير من الأحيان على أئمة الدين كالغزالي إقحام العامة في الفلسفة، مدعياً دائماً أنه على طريقته هو التي يشرحها يجب أن يكون تقديم أمور الدين للجمهور، ومخطئاً في أغلب الأحيان كافة الفرق الدينية التي حصرها منذ البدء في أربع: المعتزلة والأشعرية والباطنية ثم الحشوية؛ وإن كان لا يأتي بآراء هؤلاء جميعاً في كل مسألة مما عرض له - ربما لأنه لم يكن لها كلها آراء واضحة في كل المسائل، أو أنه هو لم يقف على كل هذه الآراء لأنها لم تصل إليه كما اعترف غير مرة.

ولا بد لكم من الرجوع إلى بعض مصادر الفلسفة الإسلامية أو معاجمها أو دوائر معارفها لتعرف نشأة هذه الفرق التي ذكرها ابن رشد وتميزها عن بعضها البعض والوقوف على أشهر علمائها وآرائهم. ومن حسن حظكم أن مؤلفنا لم يذكر إلا هذا العدد الضئيل من الفرق الإسلامية. وهذه أشهرها وأظهرها - وإلا فإن هذه الفرق تقدر عند الغزالي بثلاث وسبعين، وعند غيره بأكثر من ذلك. وقد ألفت في هذه المذاهب كتب جامعة شتى لا تحصر، أهمها: كتاب الملل والنحل للشهرستاني، ومقالات الإسلاميين للأشعري، والفرق بين الفرق للبغدادي - عدا الكتب الخاصة بكل فرقة ومذهب، ولكن يفيدكم فيها الرجوع إلى كتاب حديث كفجر الإسلام للأستاذ الدكتور أحمد أمين بك كما يتحتم عليكم الإلمام بتوسع أكبر بما ورد ذكره من الآراء لكل من هذه المدارس في كتاب ابن رشد.

أما موضوعات كتابنا فتبدأ (بتعريف ما قصد الشارع أن يعتقده الجمهور في الله) أولاً من حيث طريقة إثبات وجوده (ص ٣١ - ٩٤) فبيان وحدانيته (٤٩ - ٥٣) فالقول في صفاته السبعة الثبوتية: العلم والحياة والقدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام (٥٣ - ٦٠) فمحاولة تنزيهه وتقديسه والترفع به عن الشبيه والجسمية والجهة والرؤية (٦٠ - ٨٠) وأخيراً الخمس المسائل التي يسميها معرفة الأفعال وهي: خلق العالم، وبعث الرسل، والقضاء والقدر، والتجوير والتعديل، والمعاد أو الحياة الآخرة، وفكرة الكتاب إذن - على ما في طريقة عرضها من خلط حيناً وقصور أحياناً، واستطراد أو شطط أحياناً أخرى - تتلخص في محاولة نصرة الدين بالفلسفة، ومناقصة أمور ما تسميه الأديان علم التوحيد أو

<<  <  ج:
ص:  >  >>