للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الإيمان بالوحدانية ما يجب على العلماء أن يزيدوا من العلم بارتباط أجزاء العالم كجسد واحد، ثم يعرض لنقض دليل الممانعة عند الأشعريين لأنه لا يجري مجرى الشرع أو الطبع بمعنى أن الجمهور لا يفهمه، وأنه ليس برهانا حتى لو فرضنا أن الإلهين في هذا الدليل يتفقان بدلاً من أن يختلفا، أو جعلنا أحدهما يفعل بعضاً والآخر بعضاً آخر، أو جعلناهما يفعلان بالتداول. ويقرر أن الأشعرية لم يفهموا مضمون آية (ولعلا بعضهم على بعض) بأخذها على الاختلاف بدلاً من الاتفاق في الأفعال، وباستعمال القياس الشرطي المنفصل بدلاً من المتصل، مما أدى بهم إلى محاولات كثيرة بدلاً من محال واحد. وينتهي أخيراً إلى أن من نظر إلى كلمة التوحيد (الشهادة بالوحدانية) على النحو الذي بينه فهو المسلم الحقيقي.

ولا يخفى عليكم ما في جدل ابن رشد من تحامل على غيره واعتساف وعناد، خصوصاً في المسألة الأخيرة مع ما في دليل الممانعة من وجاهة ظاهرة، ولكنه - على ما يبدو من قلة ما وصل إليه من آراء المتكلمين - يقحم هذا الدليل يحاول تطبيقه على آية لم يقصد هؤلاء أن يكون دليلهم تفسيراً لها. وإحلاله مسألة اتفاق الآلهة بدلاً من اختلافهم في الآية المذكورة جدل مغالطي لا يحتمله المعنى. فروا في هذا الأمر رأيكم، واحكموا عليه بما ترون دون أن تتقبلوا آراءه بالتسليم والرضى.

وسنأتي في المقال التالي على ما بقي من موضوعات الكتاب.

كمال دسوقي

<<  <  ج:
ص:  >  >>