فقالت في تهكم (عاجز اليد واللسان؟ هذا عجيب! رجل فيه الرجولة والبأس يعترف أمام التي أحب أنه عاجز اليد واللسان؟ هذا ولا ريب منتهى الضعف والتخاذل) فقال الفتى في يأس (وماذا عساي أن أفعل؟) فقالت الفتاة في مكر وهي تستل من بين ثيابها مسدساً (انظر، انظر!) وذعر الفتى مما رأى وشملته رجفة عنيفة ما استطاع أن يداريها عن التي أحب، ففزع عنها وهو يهمس (أقتله؟ أقتل أبي؟ كلا. . . كلا!) وتصنعت الفتاة الماكرة الغضب والنفور فهبت من مكانها في ثورة وهي تقول (الآن بدا لي ما كنت تخفي. . . إنك لا تحبني. . . لست رجلاً، أيها المخادع الوضيع. . .) ثم دفعته عنها في غلظة وأسرعت إلى داخل الدار. . .
ظل الفتى طول ليله يتقلب في فراشه لا يغمض له جفن ولا تهدأ له ثائرة، وإنه ليضطرب من هول ما رأى وما سمع، وغير ساعت وإن الشيطان إلى جانبه يوسوس له بأمر، وإن قلبه الطائش ليزين له الجريمة، غير أن عقله كان يناديه من خلال نزواته - بين الحين والحين - ليدفعه عن الهاوي السحيقة التي يوشك أن يتردى فيها، ثم انحط - بعد لأي في فراشه هامداً من اثر المعركة النفسية العنيفة التي خاض غمارها منذ أن رأى فوهة المسدس تلمع في يد زوجة أبيه، حسنيه.
وأصرت الفتاة على فتاها، وراحت تستعين بفتنة الأنثى وإغراء الشيطان ودوافع قلبه هو، حتى أسهل وانقاد، وأخذت هي تهيئ السبيل وترسم الخطة، ثم قالت له (. . . وعند الفجر تهب من فراشك في خفة وهدوء فتتوارى خلف الباب، وحين يعود أبوك من المسجد بعد صلاة الفجر تفجؤه وهو بفتح الباب فتطلق عليه سبع رصاصات متتالية، ثم نستغيث معاً بعد أن تقذف أنت بالمسدس في بيت الخلاء).
وأراد الفتى أن ينفذ خطة رسمتها زوجة أبيه، ولكنه حين أحس بمقدم أبيه انهارت عزيمته ووهى جلده وانتفض قلبه وتصلبت أطرافه فتوارى في ناحية يكتم أنفاسه خشية أن يراه الرجل فيرى فيه العقوق والجحود. . . توارى حتى دخل أبوه ثم انفلت إلى حجرته وهو يرتعد من شدة الخوف والفرق.
لم يرق حسنية ما رأت في الفتى من فزع وضعف فعزمت على أن تصحبه لتعينه على أمره ولتشد من عزمه. وعند فجر اليوم التالي وقفت الزوجة الماكرة خلف الفتى وضمته