قالت الحية تفتح العين وتجعل الإنسان كالله عارفا الخير والشر، ولذلك عندما أخذت المرأة (من الثمرة وأكلت وأعطت رجلها أيضاً معها فأكل، انفتحت أعينهما وعلما أنهما عاريان) وكانا من قبل أن يأكلا (كلاهما عريانان، آدم وامرأته، وهما لا يخجلان) وعند ذلك خطا (أوراق تين وصنعا لأنفسهما مآزر)
كانا عريانين من قبل الخطيئة ولكنهما لا يخجلان لأنهما لم يدركا عريهما، فلما أكلا من الشجرة المحرمة عرفا الخير من الشر والحسن من القبيح وأدركا عريهما فاكتسيا.
وهذه ثمرة الخطيئة. المعرفة.
ولذلك قال الرب وهو ينادي آدم في الجنة (أين انت؟ فقال. سمعت صوتك في الجنة فخشيت، لأني عريان فاختبأت) فقال له: من أعلمك أنك عريان! هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك ألا تأكل منها!) فقد عرف آدم إذن - كما قال الرب - عريه في خطيئته.
وكانت هذه الثمرة، أو هذه الخطيئة، سببا في أن غضب الله على آدم وزجه وعلى تلك الحية الخبيثة التي أغرتهما بالمعرفة ليخطئا أو جعلت المعرفة سبيلا لمقارفة الخطيئة، فعاقب الله الثلاثة على السواء، وكان عقاب آدم وحواء أن يخرجا من الجنة، ولعن الله الأرض كلها بسبب آدم وجعله (بالتعب يأكل منها كل أيام حياته وشوكا وحسكا تنبت له ويأكل عشب الحقل). ويعرق وجهك تأكل خبزا حتى تعود إلىالأرض التي أخذت منها لأنك تراب والى التراب تعود).
وقد تال آدم وحواء هذا الغضب كله من الله وخرجا من الجنة مطرودين، ولكنهما أدركا (معرفة الخير والشر) وهذه المعرفة نفسها - بنت الخطيئة - قد أوشكت أن ترد إلى آدم وحواء ما فقدا من الحياة الأبدية حتى يخرجهما الله من جنته قبل أن تدلهما المعرفة على شجرة هذه الحياة الأبدية الدائمة. فإنه بعد ذلك يقول الرب الإله:(هو ذا الإنسان قد صار (كواحد منا) عارفا للخير والشر، والآن لعله يمد يده ويأخذ من شجرة الحياةأيضاً ويأكل ويحيا إلى الأبد) وأخرجه الرب الإله من جنة عدن (ليعمل الأرض التي اخذ منها).
فهذا آدم الذي أخرج من الجنة بالخطيئة، كاد أن يدخل في زمرة الآلهة بنفس الخطئية.
ومن الناس من يعيش الآن - على الأرض الملعونة - وهو سعيد ناعم، كأنه في الجنة، لأنه يعيش على هامش الحياة تلك الحياة النباتية التي لا تنفعل ولا تتأثر ولا تدرك إلا ما