إن العدل بين الناس والتسوية بينهم، والبر بهم قد عرفتها الشرائع ووكدتها في النفوس الأديان ودعا إليها كل مذهب صالح على ظهر الأرض، ولكن الشرائع والأديان والمذاهب أرادت أن تمكن مع هذه المعاني إنسانية الإنسان وحريته، وان تشبع الاخوة والرحمة بين الناس، وان تسمو بهم إلى أعلى الدرجات، لا أن تحكم بهذه المعني سوائم ترعى الكلاء وترد الماء مقهورة مسخرة لا تعرف في الحياة لا المرعى وعصا الراعي.
إن قوانين البشر كلهم - إلا قوانين الشيوعيين - تقدس حرية الإنسان وتبيح له أن يعمل ويجد ملء حريته، وتحاول أن تحكمه بقانون من عقله ووجدانه وتمهد للناس سبيل السعي والتنافس ثم تنظر فتعطى من خسر من مال من ربح، وتمنح من خاب من سعى من نجح وتأخذ من حصللتطعم وتداوي وتعلم من لم يحصل. والبشرية عاملة للعدل والرحمة والاخوة والاشتراكية الحرة الصحيحة ساعية إليها في نظام من الحرية والخلق والرحمة والبر.
فأما هذه الشيوعية التي تربى وراء حجب من حديد، خشية أن يطلع الناس على فضائلها ومحاسنها فمبلغ علمنا بها أنها تشيع العداوة والبغضاء، أفقرت الأغنياء ولم تغن الفقراء ومبلغ علمنا بها أنها تريد أن تهبط بالإنسان إلى مستوى الحيوان ثم تمكنه من المرعى.
ثم أمر لا يزال المفكر في حيرة منه حتى يهتدي إلى سره، هذه الصلة بين جماعي الذهب، وعباد المال في تاريخ الإنسانية وبين المذهب الذي يحرم الملك والانتفاع برأس المال أعني الصلة بين اليهودية والشيوعية. إن اليهود كما يعرف الباحثون مآرب في إشاعة القلق والفوضى في العالم، ولهم مقاصد في هدم النظم دلت عليها تبهم ونمت عليها أعمالهم.
فهذا الذي جمع بين عبادة المال وتحريمه، وهذا الذي ألف بين اليهودية والشيوعية. فاعتبروا - رواية أولي الأبصار.